الجهة الثانية
اعتبار العلو في مفهوم الأمر
الجهة الثانية من جهات مادة الأمر ، هي أن مفهوم الأمر هل يعتبر فيه العلو أو كلا الأمرين من العلو والاستعلاء ، أو أحد الأمرين الجامع بين العلو والاستعلاء ، أو لا يعتبر شيء من ذلك؟. ففي المقام عدة احتمالات ، وهذا البحث يساق على محورين.
المحور الأول : تبحث المسألة بلحاظ كون الأمر موضوعا لحكم العقل بوجوب الإطاعة.
فبهذا المعنى تحرّر المسألة ، بأن يقال ، إن موضوع حكم العقل بوجوب الإطاعة ، هل هو الطلب الصادر مع العلو فقط ، أو مع العلو والاستعلاء ، أو بدون علو أو استعلاء؟. فإن حرّرت المسألة بهذا النحو ، فالمسألة مسألة عقلية ، وليست لغوية ، ولا ربط لها بتشخيص معنى كلمة الأمر في اللغة ، وإذا كانت المسألة عقلية فلا معنى لتحريرها بحيث أن العقل هو الحاكم بوجوب امتثال الطلب الصادر من العالي الحقيقي ، أو العالي المستعلي ، ولا معنى لهذا البحث ، لوضوح أن حكم العقل بوجوب الإطاعة ، موضوعه هو الطلب الصادر من المولى ، والمولوية هي العلو الحقيقي في المقام ، فالطلب إذا صدر من المولى ولو لم يكن بلغة الاستعلاء بل كان بلغة الاقتراض ـ ومن يقرض الله قرضا حسنا ـ مع هذا يكون موضوعا لوجوب الإطاعة بحكم العقل ، وإذا صدر من غير المولى فلا يكون موضوعا لوجوب الإطاعة بحكم العقل ، وهذا لا نزاع فيه.