وحينئذ نسأل ، أنه في مرتبة اقتضاء الوجوب الضمني الثاني ، هل أن الوجوب الضمني الأول موجود أو غير موجود؟.
فإن قيل بأنه غير موجود ، إذن فهذا التزام بالطولية بين نفس الوجوبات الضمنية ، وهو خلف وحدتها وجودا ، فإن الوجوبات الضمنية موجودة بوجود واحد.
وإن قيل ، بأن الوجوب الضمني الأول موجود في مرتبة اقتضاء الوجوب الضمني الثاني ، إذن يستحيل أن لا يكون له اقتضاء لأن الوجوب ، فرضه مساوق مع فرض محركيته واقتضائه ، فكيف لا يكون له اقتضاء في هذه المرتبة ، إذن فتمام الأنحاء الثلاثة المتصورة لداعوية ومحركيّة الأمر المتعلق بالمجموع المركب مستحيلة ، ولعلّ هذا هو حاقّ مقصود المحقق الأصفهاني من العبارة المجملة ، التي برهن بها على استحالة أخذ قصد امتثال الأمر قيدا في متعلق الأمر ، ببيان أنه يلزم منه داعوية الشيء لداعوية نفسه أو محركيّة الشيء لمحركيّة نفسه (١) ، وإذا امتنعت هذه الأنحاء الثلاثة ، امتنع جعل الأمر للمجموع المركب من الصلاة وقصد امتثال الأمر.
المرحلة الثانية
هي أنه بعد أن تبرهن على استحالة أخذ قصد امتثال الأمر قيدا في متعلق شخص ذلك الأمر ، يقع الكلام في المرحلة الثانية ، وهي أخذ قصد القربة في متعلق الأمر ، دون أن يراد بهذه القربة قصد امتثال شخص ذلك الأمر ، بل يؤخذ قصد القربة بشكل أوسع وتعمل فيه بعض العنايات لنرى هل أن هذه الاستحالة المبرهنة تسري ببعض ملاكاتها أو بكل ملاكاتها إلى الأنحاء المتصورة لأخذ قصد القربة في متعلق الأمر ، أو أن بعض هذه الأنحاء سيكون معقولا ولا يلزم فيه محذور الاستحالة؟. والأنحاء المتصورة لأخذ قصد القربة في متعلق الأمر هي.
__________________
(١) نهاية الدراية : الأصفهاني ج ١ ص ١٩٥.