الجهة الثالثة
لمادة الأمر
بعد أن ثبت أن الأمر بمعنى الطلب ، يقع الكلام في أن كلمة الأمر ، هل تدل على جامع الطلب ، أو على خصوص الطلب الوجوبي ، فلو قال المولى لعبده ، أمرتك بالسعي ، فهل يكون هذا الكلام دالا على الحصة الوجوبية من الطلب ، أو يدل على أصل الطلب الملائم للوجوب والاستحباب؟؟ فالكلام يقع في مقامين ، أول المقامين ، هو أصل دلالة كلمة الأمر على الوجوب ، وبعد الفراغ عن هذه الدلالة ، يقع الكلام في المقام الثاني ، في أنه ما هو ملاك ونكتة هذه الدلالة.
أ ـ المقام الأول
وهو البحث عن أصل دلالة كلمة الأمر على الوجوب ، فقد حاول بعض الأصوليين (١) أن يستدل على ذلك بجملة من الآيات والروايات من قبيل (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) ، وغير ذلك ممّا كان من هذا القبيل من الروايات بتقريب ، أن في مثل هذه الآية الكريمة ، أخذ عنوان الأمر موضوعا للحذر والتحذّر ، ومن الواضح أن الطلب الاستحبابي ليس موضوعا للحذر ، وإنما الذي يكون موضوعا للحذر هو الطلب الوجوبي ، فيستكشف من ذلك أن
__________________
(١) إحكام الأحكام ج ٢ ـ معالم الدين ـ أبو منصور الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني ص ٤٠.