وعليه ، فحل المشكلة ، عن طريق فرض أمرين مجعولين بجعل واحد كما ذهب إليه المحقق العراقي ، أمر غير ممكن.
وبهذا اتضح أن الفرق بين الأمر التعبدي ، والأمر التوصلي ، لا يمكن أن يرجع إلى ناحية المتعلق ، بحيث يكون الأمر التوصلي متعلقا بذات الفعل ، والأمر التعبدي متعلقا بالفعل مع قصد القربة ، وذلك لعدم إمكان تعلق الأمر الحقيقي بقصد امتثال الأمر ، بدون فرق بين أن يكون مجعولا ، أو بمتمّم الجعل على كلا التقديرين ، بل كل من الأمر التعبدي والتوصلي متعلق بذات الفعل من دون زيادة.
كما اتضح ممّا سبق ، أن كلا من الأمرين ما دام متعلقا بذات الفعل ، فلا محالة يسقط بالإتيان بذات الفعل ، إذ لا يعقل بقاء شخص الأمر بعد الإتيان بمتعلقه ، لأنه لو بقي شخص الأمر بعد الإتيان بمصداق متعلقه للزم كونه طلبا لتحصيل الحاصل ، ذلك لأن متعلقه هو الجامع بين المأتي به وغيره ، والجامع بين المأتي به وغيره هو مأتي به وحاصل ، إذن فلا معنى لتحصيله ، إذن فالأمر يسقط لا محالة بالإتيان بذات الفعل ، سواء كان الأمر توصليا أو تعبديا ، لأنه في كلتا الحالتين تعلّق بذات الفعل واستحال انبساطه على قصد الأمر ، واستحال تحصيله بعد أن حصل.
ولكن مع هذا يبقى فرق لبّي وثبوتي بين الأمرين ، وهذا الفرق هو ، أن الأمر التوصلي باعتبار نشوئه من غرض يستوفى بمجرد الإتيان بالفعل خارجا فيسقط لا إلى بدل ، إذن فلا موجب فيه لاستئناف أمر آخر ، بينما في الأمر التعبدي وإن كان يسقط شخص الأمر بالإتيان بذات الفعل لأنه تعلق به ، لكن حيث أنه ناشئ من غرض لا يستوفى إلّا بالإتيان بالحصة القربية خاصة ، إذن فهو يسقط إلى بدل ، بمعنى أن المولى بعد سقوط خطابه الأول يجعل خطابا ثانيا فيقول للمكلّف مرة أخرى ، «صلّ» فإن أتى بالصلاة مع قصد القربة فقد حصل غرض المولى وسقط الأمر لا إلى بدل ، وإن أتى بها بدون قصد القربة