القربة قيدا بحسب مقام الإثبات أمر معقول ، وهو أمر غير معقول بحسب مقام الثبوت.
أمّا كلامنا الثاني ، فهو مختلف ، إذ قلنا أن أخذ قصد القربة قيدا في متعلّق الأمر من قبل الإنسان العرفي الساذج هو أمر معقول ثبوتا ، لكنّه هو نفسه هذا القيد أمر غير معقول ثبوتا إذا أخذ من قبل الشارع أو الأصولي الدقيق.
وهذا كلّه يؤكد صحة بيان نكتة تجدّد الأمر بلسان التقييد ، بلسان «صلّ بقصد الأمر» من قبل المولى الدقّي أو الأصولي الدقيق ، وإن كان هذا المولى الدقّي يعرف أن هذا البيان بهذا اللسان لا يطابق الحقيقة والواقع ، ولكنه بالنظر العرفي تعبير واف ببيان الحقيقة ، حيث أن المولى الدقّي هذا في مقام البيان هو يتابع العرف لا محالة ، إذن فهو أيضا يستعمل تعبير العرف.
إذن فالمولى الدقّي وإن اختلف عن المولى العرفي في مقام الثبوت ، لكنه في مقام البيان يستعمل نفس بيانه العرفي ، فيأمر بالفعل مع قصد القربة.
وبهذا ننهي البحث في المقدمة ، لتحقيق حقيقة الواجب التعبدي والتوصلي ، وندخل في صلب البحث.
وصلب البحث هو ، أنه إذا شك في كون الواجب أنه تعبدي أو توصلي فما هو مقتضى الأصل ، فالكلام يقع في مسألتين.
المسألة الأولى ، في الأصل اللفظي.
المسألة الثانية ، في الأصل العملي.
أمّا الكلام في المسألة الأولى ، فالكلام فيها يقع في الإطلاق لا محالة ، لأنه المراد من الأصل اللفظي ، والكلام فيه أيضا يقع في مقامين.
المقام الأول ، في الإطلاق اللفظي.
المقام الثاني ، في الإطلاق المقامي ، بعد فرض عدم الإطلاق اللفظي.