وأمّا انقسام الطبيعة مفهوميا وفي عالم المفهومية لهاتين الحصتين ، بمعنى مصداقيّة كل من الحصتين للطبيعة ، لا بمعنى وجود الحصة خارجا ، هذه المصداقيّة محفوظة حتى بقطع النظر عن الأمر ، إذ أن الحصة المأتي بها بقصد الأمر ، والحصة المأتي بها لا بقصد الأمر كلتاهما صلاة على أيّ حال.
إذن هنا فرق بين إمكان وجود الحصتين خارجا ، وبين مصداقية الحصتين للطبيعة مفهوما ، فمصداقية الحصتين للطبيعة مفهوما أمر محفوظ حتى قبل الأمر ، لأن مصداقية كل واحدة من الحصتين للطبيعة ذاتية لتلك الحصة وليس هذا في طول الأمر.
وعليه فالمقسمية محفوظة في المرتبة السابقة على الأمر ، لأن مناط كون الطبيعة مقسما هو مصداقية الحصتين للطبيعة مفهوما ، لا إمكان وجودهما خارجا. إذن فهذا التقريب الثاني غير صحيح.
وأمّا إبطال التقريب الأول الذي كان مفاده ، أنه إذا استحال التقييد استحال الإطلاق ، لأن التقابل بينهما تقابل العدم والملكة ، فالإطلاق هو عدم التقييد في موضع قابل للتقييد ، فإذا لم يمكن التقييد فلا إطلاق.
وقد اعترض على هذا الكلام باعتراضات أهمها اعتراضان.
أ ـ الاعتراض الأول ، هو اعتراض حلّي وحاصله هو ، أنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد ليس مسألة لغوية حتى نستعين باللغة لشرح مدلول كلمة إطلاق ومدلول كلمة تقييد فيها ، من قبيل مدلول كلمة أعمى وبصير ولمعرفة أن كلمة إطلاق في اللغة هل هي موضوعة لعدم التقييد في الموضع القابل ، وأن كلمة أعمى هل هي موضوعة في اللغة لمن لا يكون بصيرا في الموضع القابل ، أو أنّ كلمة إطلاق موضوعة لعدم التقييد مع الإطلاق سواء كان في الموضع القابل أو لم يكن في الموضع القابل ، لو كانت المقابلة بينهما هكذا ، لرجعنا إلى اللغة أو العرف في تشخيص مدلولهما.
لكن المسألة في الإطلاق والتقييد مسألة واقعية ، لأننا نريد في الإطلاق