وأمّا التقييد الثاني ، تقييد الصلاة بالداعي النفساني ، فهو أيضا مستحيل ، إذ أنه من المستحيل للمولى أن يأمر عبده أن يصلّي لا بداعي أمره ، لأن هذا معناه لغوية هذا الأمر ، لأن المكلّف إن صلّى بقطع النظر عن هذا الأمر ، إذن فما هو أثر هذا الأمر ، وإن صلّى بسبب هذا الأمر ، فلا تقبل منه هذه الصلاة ، لأن المولى يقيّد الصلاة بأن تكون بقصد الأمر ، إذن فسوف يكون هذا الأمر لغوا في المقام وغير قابل للمحركية ، إذن فهذا التقييد الثاني مستحيل.
وعليه فالإطلاق المقابل له وهو رفض أخذ ذاك الداعي النفساني الذي ينتج الشمول للحصة القربية هو أيضا مستحيل ، وبهذا يكون كل من التقييدين مستحيلا ، وكل من الإطلاقين مستحيلا أيضا ، ويصبح الواجب سنخ طبيعة مهملة غير قابلة للانطباق لا على الحصة القربية ولا على الحصة غير القربية بل إن استحالة هذا الإطلاق ثابتة حتى بمتمم الجعل فضلا عن الجعل الأول ، بمعنى أن تقييد الواجب بغير ما يكون بقصد القربة أمر غير معقول ، لا بالجعل الأول ولا بمتمم الجعل.
إذن فيبقى هذا الأمر وهذا الجعل مهملا إلى الأبد ، وإن أريد تطبيق هذا البرهان في المقام لأدّى سفسطة في تصوير هذا الجعل ، حيث يؤدي إلى طبيعة مهملة غير قابلة للانطباق على أيّ حصة من الحصص لا بالجعل الأول ولا بمتمّم الجعل.
ب ـ الاعتراض الثاني على المسلك الرابع ، القائل بامتناع أخذ قصد القربة في متعلق الأمر ، وقد كان الكلام في أنه بناء عليه ، هل يمكن التمسك بالإطلاق اللفظي لإثبات التوصلية ونفي التعبدية ، وقد قلنا بأنه اعترض على ذلك بثلاث اعتراضات تقدّم الأول منها وهذا هو الاعتراض الثاني على التمسك بالإطلاق ، وهو مبنيّ على نقيض ما بني عليه الاعتراض الأول ، إذ أن صاحب هذا الاعتراض يعترف بأن استحالة التقييد لا توجب استحالة الإطلاق الثبوتي للواجب ، بل الثابت عكس ذلك ، وهو كون الإطلاق ضروري