المسألة الثانية
وهي فيما إذا شك في كون واجب تعبديا أو توصليا بالمعنى المعروف للتوصلي ، وهو ما لا يحتاج سقوطه إلى قصد القربة ، فما هو الأصل العملي عند الشك ، بعد فرض عدم الدليل الاجتهادي من الإطلاقات اللفظية ، لإثبات التوصلية ، فهل مقتضى القاعدة ، هو أصالة البراءة ، أو أصالة الاشتغال؟. المتبادر إلى الذهن بدوا ، أن المقام صغرى من صغريات الأقل والأكثر الارتباطيين ، حيث أنه لو فرض اعتبار قصد القربة ، فليس هو واجبا مستقلا ، وإنما هو جزء من الواجب الأصلي ، فيرجع الشك في الحقيقة ، إلى دوران الأمر في الواجب ، بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، فإذا بني هناك على البراءة بني هنا على البراءة ، وإذا بني هناك على الاشتغال ، بني هنا على الاشتغال.
ولكن تفصيل الكلام في ذلك هو : أنه إن بني على أن قصد القربة ممّا يمكن أن يتعلق به الأمر الشرعي ، فإمّا أن يقال بتعلق نفس الأمر الأول به ، بناء على إمكان أخذ قصد القربة قيدا في متعلق الأمر الأول ، وإمّا بتعلق أمر ثان به ، بناء على مسلك متمم الجعل ، حيث يتصور أمران ، أحدهما متعلق بذات الفعل ، والآخر متعلق بقصد القربة ، فعلى هذين المسلكين تجري البراءة عند الشك في اعتبار قصد القربة.
أمّا على المسلك الأول ، وهو فيما إذا كان قصد القربة مما يمكن أخذه في الأمر الأول ، إذن فحاله حال سائر ما يشك في جزئيته وشرطيته ، فيكون