وإنما الكلام ، بناء على مبنى المحقق الخراساني (قده) الذي يقول (١) ، بأن الأمر التعبدي ، أمر واحد متعلق بذات الفعل ، ولا يتصور الأمر بقصد القربة ، لا بالجعل الأول ، ولا بالجعل الثاني ، كما لا يتصور أمرا ثانيا بذات الفعل ، بل هو يرى ، أن الأمر الأول متعلق بذات الفعل ، ولكن في موارد التعبديات ، لا يسقط هذا الأمر ، بمجرد الإتيان بالفعل ، بل يبقى ببقاء غرضه ، وحيث أن الأمر لا يسقط ، فالعقل يحكم بلزوم الخروج عن عهدته ، وذلك بإسقاطه (٢) بالإتيان بالفعل مع قصد القربة ، وعلى هذا المبنى ، لو شكّ في واجب ، أنه تعبدي أو توصلي ، فما هو الأصل العملي؟. فهل تجري البراءة ، أو الاشتغال؟؟.
ظاهر كلام المحقق الخراساني ، أنه تجري في المقام ، أصالة (٣) الاشتغال ، حتى لو قيل بجريان البراءة في موارد الأقل والأكثر الارتباطيين.
ولتوضيح الحال في ذلك ، لا بدّ من استعراض المسألة في جهتين.
الجهة الأولى ، هو أنه ، لو قلنا بالبراءة العقلية في موارد الأقل والأكثر الارتباطيين ، فهل تجري البراءة العقلية في المقام أو لا تجري؟.
الجهة الثانية ، هو أنه لو قلنا بالبراءة الشرعية ، في موارد الأقل والأكثر الارتباطيين ، فهل تجري البراءة الشرعية في المقام ، أو لا تجري؟. ففي الجهة الأولى ، نتكلم في جريان البراءة العقلية وعدم جريانها ، وفي الجهة الثانية ، نتكلم في جريان البراءة الشرعية وعدم جريانها في المقام.
أمّا الجهة الأولى :
فالمحقّق عندنا ، أن البراءة العقلية ، لا أساس لها في الأحكام الشرعية ،
__________________
(١) المشكيني : ج ١ ص ١١١.
(٢) مشكيني : ج ١ ص ١٠٧.
(٣) مشكيني ج ١ ص ١١٣.