إذ لا نؤمن بأصالة البراءة العقلية ، ولا بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وإن هذه القاعدة مطلب خلط فيه بين الأحكام الشرعية ، والأحكام العرفية العقلائية ، إذ أن مورد هذه القاعدة ، هو أحكام العقلاء بالنسبة إلى مواليهم ، لا أحكام الشارع بالنسبة إلى المكلفين ، ولكن الأصوليين ، عمّموا هذه القاعدة للأحكام الشرعية أيضا ، وهذا الأمر تحقيقه متروك إلى بحث البراءة إن شاء المولى تعالى.
إلّا أننا نتكلم بناء على مشربهم ، من القول بقبح العقاب بلا بيان ، وجريان البراءة العقلية ، لنرى أنه ، هل تجري البراءة أو لا تجري؟.
ومن أجل توضيح ذلك لا بدّ من استعراض مهم الوجوه التي يستند إليها ، في بحث الأقل والأكثر الارتباطيين ، لإثبات الاشتغال العقلي ، والمنع من جريان البراءة ، لنرى أن تلك الوجوه التي يستدل بها هناك على الاشتغال ، هل تجري في المقام أو لا تجري؟. وعلى فرض جريانها ، فهل أنّ الجواب الذي يجاب به عن تلك الوجوه في تلك المسألة ، يجاب به أيضا عن تلك الوجوه في هذه المسألة ، أو لا يجاب به عن تلك الوجوه في هذه المسألة.
إذن فنستعرض مقدمة ، مهمّ الوجوه التي تذكر أدلة على أصالة الاشتغال هناك وهي عديدة.
الوجه الأول
دعوى تشكيل العلم الإجمال في موارد الأقل والأكثر الارتباطيين ، وذلك بأن يقال بأن المكلف ، إذا شك في جزئية السورة ، فيكون لديه علم إجمالي إما بوجوب الأقل لا بشرط ومطلقا ، أو بوجوبه بشرط شيء مقيدا ، وهذا علم إجمالي يدّعى تنجيزه في موارد الأقل والأكثر الارتباطيين ، حيث أنّ هذا العلم الإجمالي بوجوب شرعي ، متعلق ، إمّا بالمطلق ، وإمّا بالمقيد.
وهذه الصيغة لإجراء أصالة الاشتغال بقانون العلم الإجمالي ، لا معنى