بيان دفع الوجه الثالث
الوجه الثالث لأصالة الاشتغال هو ، دعوى أن الأمر بالأقل معلوم تفصيلا ، والعقل يحكم بلزوم تحصيل الجزم بسقوطه ، لأن الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، ومن الواضح ، أن المكلف في باب الأقل والأكثر ، لو أتى بالتسعة أجزاء ولم يأت بالجزء العاشر المشكوك ، فهو لا يعلم بسقوط الأمر بالأقل ، لأن الأمر بالأقل ، إن كان استقلاليا ، يسقط ، وإن كان ضمنيا فلا يسقط ، للتلازم بين الأوامر الضمنية في السقوط والثبوت ، إذن فلا بدّ من الإتيان بالزائد لكي يحصل الفراغ اليقيني والعلم بالسقوط ، ومعه تجري أصالة الاشتغال في باب الأقل والأكثر الارتباطيين.
وهذا الوجه الثالث ، يدفع في باب الأقل والأكثر ، بهذا البيان ويقال : بأن المكلف ، إن أتى بالتسعة ، ولم يأت بالعاشر ، فهو وإن كان يشك في سقوط الأمر بالأقل لاحتمال كونه ضمنيا ، ولكن هذا الشك في سقوط الأمر بالأقل ، هو من تبعات الشك في وجود الأمر الضمني الزائد ، لأنّ المكلف إنما يشك في سقوط الأمر بالأقل ، لاحتمال أن يكون الأمر بالأقل توأما مع أمر ضمني آخر ، وهو الأمر بالزائد ، فإذا كان الشك في السقوط من تبعات الشك في تكليف زائد ، فحينئذ ، التأمين عقلا ، عن ذاك المنشأ ، عن التكليف بالزائد ، يستدعي عقلا أيضا ، التأمين من ناحية هذا الشك في السقوط ، فلا تجري أصالة الاشتغال.