إذن هذا التقريب قاصر في الجملة ، بمعنى أنه يفيد ، لإثبات النفسية فيما إذا فرض إطلاق أحوالي في دليل وجوب الوضوء ، بحيث يشمل صورة فقدان وجوب الصلاة ، وأمّا إذا لم يكن فيه مثل هذا الإطلاق الأحوالي ، فليس بالإمكان ، إثبات كون الوضوء واجبا نفسيا.
وقد يقال ، وإن كان هذا الإطلاق قاصرا عن إثبات النفسية في هذا الفرض ، لكن لا أثر لذلك ، فإنه ، إذا قال المولى «توضأ» ، فهنا ، أثّر في إثبات النفسية ، وهو فعليّة الوجوب على جميع الأحوال ، حتى قبل الزوال ، ولكن إذا قال المولى «إذ زالت الشمس فتوضّأ» ، فهنا لا بدّ من الإتيان بالوضوء بحكم العقل على كل حال ، إمّا لأنه نفسي ، أو لأنه ممّا توقف عليه الواجب النفسي الذي هو الصلاة ولا أثر لإثبات النفسية والغيرية ، لأنه إذا لاحظنا حالة ما قبل الزوال فلا يجب الوضوء سواء كان نفسيا أو غيريا ويجوز تركه لأنه مقيّد بالزوال ، إذن ، فقبل الزوال ، هو حالة عدم زوال ويجوز تركه ، وإذا لاحظنا حالة ما بعد الزوال ، فعلى كل حال لا بدّ من الوضوء ، سواء كان نفسيا أو غيريا ، فأيّ أثر يبقى للإطلاق الذي يثبت النفسية ، إذن فلا أثر للنفسية حينئذ.
وهذا الكلام غير صحيح ، فإنه يبقى مع هذا أثر للنفسية فإن إطلاق الصيغة في قوله ، «توضأ إذا زالت الشمس» ، إن كان يوجب النفسية ، إذن يتسجّل على المكلّف واجبان نفسيان ، أحدهما الوضوء ، والآخر الصلاة ، بحيث لو تركهما معا ، لعوقب بعقابين ، لأنه ترك واجبين نفسيين ، بخلاف ما إذا كان إطلاق الصيغة لا يقتضي النفسية هنا فإنه لا يثبت حينئذ واجبان نفسيان من ناحية الدليل الاجتهادي ولا بد حينئذ من الرجوع إلى الأصول العملية ، وتحقيق ما تقتضيه حسبما يأتي إن شاء الله في بحث الواجب النفسي والغيري من أبحاث مقدمة الواجب النفسي والغيري من أبحاث مقدمة الواجب.
إذن فهنا يوجد أثر على كل حال ، لإثبات النفسية بإطلاق الصيغة ، وبهذا يتحصل أن هذا التقريب الأول لإثبات النفسية بالدلالة الالتزامية للإطلاق الأحوالي يتم في بعض الصور دون بعضها الآخر.