محاولة إبطال المسلك الثالث
وحاصل هذا المسلك هو ، أن دلالة الأمر على الوجوب دلالة لفظية ولكنها ليست بالوضع وإنما هي بالإطلاق ومقدمات الحكمة من قبيل دلالة أسماء الأجناس على الإطلاق الثابتة بمقدمات الحكمة (١).
وقد قرّب ذلك المحقق العراقي ، بما يرجع حاصله ، إلى أنّ الأمر مادة وصيغة يكون دالا بلحاظ مدلول تصديقي على الإرادة المولوية القائمة في نفس المولى ، فكأن لفظ الأمر مادة وصيغة قالب لإبراز إرادة المولى وطلبه. ثم إن هذه الإرادة أمرها مردّد بين أن تكون شديدة وهي الوجوب ، وبين أن تكون ضعيفة وهي الاستحباب.
والمراد بمقدمات الحكمة وبالإطلاق ، إثبات أن هذه الإرادة المدلول عليها بالأمر هي إرادة قوية وليست ضعيفة.
ويتم إثبات ذلك ببيان وهو : أن الإرادة الشديدة ، تختلف عن الإرادة الضعيفة في تأكد الإرادة ، بمعنى أن الإرادة الشديدة تشترك مع الإرادة الضعيفة في أصل الإرادة ، وتختلف الشديدة عن الضعيفة بتأكد هذه الإرادة وشدّتها ، إذن فما به امتياز الإرادة الشديد عن الإرادة الضعيفة هو الإرادة أيضا وقوة هذه
__________________
(١) بدائع الأفكار ـ الآملي ج ١ ص ١٩٧.