هذه الإرادة ، وهذا معناه أن الإرادة الشديدة لا تزيد عن الإرادة بشيء ، لا بما له الاشتراك ولا بما به الامتياز ، لأن ما به الاشتراك وهو الإرادة ، وما به الامتياز هو قوة الإرادة وتأكدها ، الذي هو عبارة عن الإرادة ، إذن فالإرادة الشديدة وما به اشتراكها وما به امتيازها كلاهما إرادة ، وأما الإرادة الضعيفة فما به اشتراكها هو الإرادة أيضا ، لكن ما به امتيازها هو فقدان الإرادة ، وبناء على ذلك فإنّ لفظ الأمر مادة وهيئة ، الصادر من المولى ، يدل على الإرادة ، وعندئذ ، إن كان الثابت في نفس المولى هو الإرادة القوية ، إذن فالخطاب المولوي يبين تمام حقيقة هذه الإرادة بلحاظ ما به اشتراكها وبلحاظ ما به امتيازها ، لأنها بتمامها إرادة ، ولا تزيد عن الإرادة بشيء ، فما به الاشتراك فيها هو الإرادة ، وما به امتيازها عن غيرها هو الإرادة ، والخطاب الصادر من المولى يفي بالتعبير عن الإرادة ، فالتعبير به مناسب للتعبير عن تمام هوية هذه الإرادة ، فتمام هوية هذه الإرادة لا يزيد عن الإرادة بشيء ، وأمّا إذا كان ما في نفس المولى هو الإرادة الضعيفة ، إذن خطاب المولى يعبّر عمّا به الاشتراك في هذه الإرادة عن أصل الإرادة ، وأمّا ما به امتياز هذه الإرادة عن الإرادة القوية فلا يعبّر عنه خطاب المولى ، لأن ما به الامتياز هو فقدان المرتبة العالية من الإرادة وهذا الفقدان ليس مدلولا لخطاب المولى بالأمر مادة وصيغة.
إذن فالأمر يدور بين أن يكون ما في نفس المولى هو الإرادة القوية ، إذن فما هو في نفس المولى بتمامه مبيّن بالخطاب ، وبين أن يكون ما في نفس المولى هو الإرادة الضعيفة ، إذن فخطاب المولى لا يفي ببيان تمام ما في نفسه ، لأن ضعف الإرادة عبارة عن فقدانها ، والفقدان لا يدل عليه الخطاب كما هو واضح ، وحينئذ ، تجري مقدمات الحكمة ، ويقال أن الأصل هو كون المولى في مقام بيان تمام ما في نفسه ، فإذا كان تمام مرامه هو الإرادة القوية ، إذن فقد بيّنها بتمامها ، فقد بيّن ما به الاشتراك وما به الامتياز ، وإن كان تمام مرامه هو الإرادة الضعيفة فهو لم يبيّن تمام مرامه ، لأن الإرادة الضعيفة ما به اشتراكها قد بيّن ، وما به امتيازها عن الإرادة القوية فلم يتبيّن ، فبمقتضى أصالة كون المولى في مقام البيان ، وأنه لو كان يريد تلك المئونة الزائدة لنصب قرينة