الصحيح استحالة ذلك ، بمعنى أنّه ليس كما أن الفردين العرضيّين يكونان طرفا للتخيير ، يكون الفردان الطوليان طرفا للتخيير ، ومعنى عدم كونهما طرفا للتخيير ، هو أنّ الواجب لا ينطبق على مجموع الفردين الطوليين ، وإن انطبق على مجموع الفردين العرضيّين ، وذلك لأنّ التخيير بين الفردين الطوليين ، غير متصوّر.
وتوضيح ذلك ، أنّ التخيير إمّا عقلي ، وإمّا شرعي.
والتخيير العقلي مرجعه إلى تعلّق الوجوب بالجامع ، بحيث يكون الوجوب متعلّقا بذات الطبيعة ، فيحكم العقل بأنّ المكلف مخيّر في تطبيق الطبيعة ، والتخيير العقلي ، معقول بالنسبة إلى الفردين العرضيّين ، لأنّ مطلوب المولى هو الطبيعة التي لم يؤخذ فيها قيد الوحدة ولا الاثنينية ، فالواجب إذن ينطبق عليهما معا وعلى أحدهما فقط ، لأن الواجب أخذ لا بشرط من حيث الوحدة والتعدد ، فكما ينطبق على الواحد ينطبق على الاثنين ، ولكن بلحاظ الفردين الطوليين ، العقل لا يحكم بذلك ، فلا يحكم بإمكان الامتثال مثلا بدفعة واحدة وبدفعتين متتاليتين ، وذلك لأنّه بالدفعة الأولى ، حصل الامتثال وسقط الأمر ، ومعه لا تكون الدفعة الثانية دخيلة في الامتثال.
إذن فيستحيل عدليّة الدفعتين للدفعة في الأفراد الطولية ، وليس منشأ هذه الاستحالة ضيق دائرة الواجب ، بل منشؤها ضيق دائرة الوجوب ، وذلك لأنّ الواجب هو الطبيعة ، ولم يؤخذ فيها أيّ قيد لا الدفعة ولا الدفعتين ولا الفرد ولا الفردين ، والوجوب استحال بقاؤه بعد الدفعة الأولى ، إذ سقط الأمر والوجوب بالإتيان بالدفعة الأولى ، هذه هي استحالة التخيير العقلي في الأفراد الطولية.
وأما البدلية في التخيير الشرعي كما تصوره صاحب الكفاية في التخيير بين الأقل والأكثر ، فهو أمر معقول ، إذ مرجع ذلك إلى أن المولى يخيّر العبد بين الدفعة الأولى بشرط لا من حيث الثانية ، وبين الدفعتين معا ، بحيث يكون