الإرادة ، وأمّا الإرادة الضعيفة فما به الاشتراك وإن كان هو الإرادة ، ولكن ما به الامتياز ليس هو الإرادة ، بل مئونة زائدة على الإرادة وهي الفقدان ، فإن هذا المطلب إنما هو بالتعمّل الفلسفي والتحليل العقلي ، وأمّا النظر العرفي فهو لا يرى أن أحد هذين الفردين فيه مئونة زائدة أزيد من مئونة الفرد الآخر ، وما دامت المئونة غير زائدة ، إذن فلا ينعقد في المقام إطلاق عرفي يقتضي تعيين غير ذي المئونة في مقابل ذي المئونة :
وبهذا ظهر ، أن المقصود في المقام ، ليس دعوى أن العرف ليس ملتفتا تفصيلا إلى الكلام الذي أفاده المحقق العراقي ، حتى يقال كما ذكر (قده) من أن العرف وإن لم يكن ملتفتا تفصيلا ، إلّا أن هذا المطلب مركوز في ذهنه إجمالا ، بل المقصود أن العرف ولو شرح له هذا المطلب فهو لا يرى أصلا مئونة ولا يصدّق أن الفرد الشديد فرد بلا مئونة ، والفرد الضعيف فرد بالمئونة ، وهذا معناه أن هذه العناية غير موجودة في ذهن العرف ارتكازا ، إذن فلا يمكن أن تكون هذه المئونة ملاكا للإطلاق في المقام.
نعم هناك بيان آخر لتقريب الإطلاق أمتن من هذا البيان ، وهذا البيان يتوقف على بيان مقدمة.
وحاصل هذه المقدمة هو أنه من المعروف بين جملة من المتقدمين ، أن كلا من الوجوب والاستحباب مركب من جزءين (١) ، فالوجوب مركب من طلب الفعل مع المنع أو النهي (٢) عن الترك ، والاستحباب مركب من طلب الفعل مع الترخيص في الترك ، فهناك قدر مشترك بين الوجوب والاستحباب وهو طلب الفعل ويمتاز الوجوب بالمنع أو بالنهي عن الترك ويمتاز الاستحباب بالترخيص في الترك ، وتارة يبنى على الكراهة في النهي ، وأخرى على الإلزام ، وهو النهي الإلزامي ، فإذا ما بني على الكراهة في النهي ، فلا
__________________
(١) الإحكام في أصول الأحكام ـ الآمدي ج ٢ ص ١٣٧.
(٢) معالم الدين ـ بحث الضد ـ أبو منصور الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني ص ٦٥.