مدلول كلامه ، وهنا تجري مقدمات الحكمة ، باعتبار انطباق الكبرى ، لكن بالنظر العرفي لا بالنظر الدقّي.
وتارة أخرى يفرض أن الأمر دائر بين مئونتين ، بحيث أن مرام المولى يزيد على مدلول كلامه على كلا التقديرين ، وهذه الزيادة ملحوظة دقة وعرفا ، فالعرف يرى أن هناك زيادة ومئونة كما هو الحال في محل الكلام ، ففي محل الكلام حينما يقول المولى «آمرك بالصلاة» ، والأمر يدل على جامع الإرادة ، من دون أخذ الشدّة ولا الضعف ، ومن دون أخذ قيد الترخيص ولا عدم الترخيص ، ونحن نعلم أن هذا الجامع ليس هو تمام مرام المولى ، بل قد انضم إليه شيء ، وهذا الشيء ، إمّا الشدة أو الضعف على تقريب المحقق العراقي (١) ، أو إمّا عدم الترخيص أو الترخيص على تقريبنا ، إذن فهناك زيادة يعترف بها العرف ، ويقول بأن الوجوب فيه شيء أزيد من أصل الطلب ، وكذلك الاستحباب فيه شيء أزيد من أصل الطلب ، إذن فالمولى مرامه يزيد على مدلول كلامه بإحدى هاتين الزيادتين المتباينتين ، ففي مثل ذلك لا يمكن تعيين إحدى الزيادتين في مقابل الزيادة الأخرى ، بحيث أن الأصل في كل متكلم أن لا يزيد مرامه على مدلول كلامه ، لأن هذا المولى زاد مرامه على مدلول كلامه بإحدى الزيادتين المتباينتين ، وإذا كانت هاتان الزيادتان بهذا النحو ، فلا يمكن تعيين إحداهما في مقابل الأخرى إلّا إذا وجد شرطان.
الشرط الأول ، هو أن يحرز في مورد ، أن المولى في مقام بيان تمام مرامه حتى الزيادة ، بقرينة من القرائن.
والشرط الثاني ، هو أن تكون إحدى الزيادتين أخف وأقل مئونة بنظر العرف من الزيادة الأخرى ، وإن كان في هذه الأخرى مئونة ، وحينئذ ، إذا أحرز هذان الشرطان ، نقول بأن المولى ما دام هو في مقام بيان الزيادة إذن هو لم يبيّن الزيادة باللفظ ، فلا بدّ وأن يكون قد اعتمد في المقام على بيان الزيادة
__________________
(١) بدائع الأفكار ـ الآملي ج ١ ص ١٩٧.