على السكوت ، وهنا يقال ، بأن جعل عدم بيان المئونة الأشد ، بيان لمئونة أضعف ، هو أقرب عرفا من جعل عدم بيان المئونة الأضعف ، بيانا للمئونة الأشد ، يعني يدور أمر هذا المولى ، بين أن يكون قد جعل عدم بيان الأشد بيانا للأضعف ، أو عدم بيان الأضعف بيانا للأشد ، والأقرب إلى العرف ، أن يجعل عدم بيان الأشد بيانا للأضعف ، فيثبت بذلك الأضعف ، ومقامنا من هذا القبيل.
ومن هنا يعرف ، أن تمامية الإطلاق في المقام ، سواء بتقريب المحقق العراقي (١) أو بالتقريب الذي استحسنّاه ، يتوقف على مجموع الشرطين ، وهو أن نحرز أن المولى في مقام البيان حتى من جهة الزيادة ، وحينئذ ، بمقتضى العرف هو أن يكون عدم بيان أشد المئونتين ، وهي مئونة الاستحباب ، بيانا لأخف المئونتين ، وهي مئونة الوجوب ، فيثبت بذلك الوجوب : فثبوت الوجوب بالإطلاق ، يتوقف على مئونة زائدة على كبرى مقدمات الحكمة ، وهي إحراز أنّ المولى في مقام بيان الزيادة وإيصالها إلى المكلف ، إذن فلا ينفع هذان التقريبان للإطلاق في تخريج الدلالة في سائر الموارد.
الإشكال الثاني
وهذا الإشكال ، يمكن أن يقع على دعوى ، أن دلالة الأمر على الوجوب بالإطلاق ، بإجراء مناقشة مقاربة للمناقشة التي أوردناها على المحقق النائيني ، القائل بأن الوجوب حكم عقلي (٢) وليس بالوضع ، وذلك بأن يقال ، لو ورد «أكرم الفقيه» و «لا يجب إكرام العالم» ، فهنا ، بناء على مسلك المحقق العراقي «أي مسلك الإطلاق» وإن كان يقع التعارض بين الدليلين اللفظيين ، لأن الدلالة على الوجوب دلالة لفظية بالإطلاق لا بالوضع وحكم العقل ، ولكن هذا التعارض بين الدليلين ، يكون تعارضا بين الإطلاقين ، بنحو العموم من
__________________
(١) نفس المصدر السابق.
(٢) فرائد الأصول الكاظمي ج ١ ص ٧٠.