الأمر الثاني ، ومن دون فرق بين كون موضوعه عدم الإتيان أو عنوان الفوت ، لأن هذه الإمارة حتى لو لم تكن موجودة من أول الأمر لكن مؤداها ، وهو ما يخبر به الثقة ، ناظر إلى الحاضر والماضي والمستقبل هو مدلول التزامي للإمارة نفسها مطلقا.
الحالة الثانية : وهي فيما إذا انكشف الخلاف بالأصل ، فله عدة حالات تقع في عدة صور.
الصورة الأولى : هي أن ينكشف الخلاف بالاستصحاب في شبهة موضوعية كمن توضأ فشك ببعض أفعال الوضوء بعد الدخول في فعل آخر ، فتمسك بإطلاق أدلة قاعدة التجاوز ، فبنى على صحة وضوئه وصلّى به ، وبعد الصلاة بهذا الوضوء انكشف له الخلاف في الأثناء أو بعد خروج الوقت ، انكشف له أن قاعدة التجاوز مخصّصة في المقام وأن الوضوء بلحاظ صحيحة زرارة أخرج من إطلاق قاعدة التجاوز وحينئذ يجري في حقه استصحاب عدم الإتيان بالفعل المشكوك لأنه صار يشك في أنه هل غسّل يده اليمنى أو لم يغسلها ، والمفروض أنّ قاعدة التجاوز هنا مخصّصة ، إذن يجري في حقه استصحاب عدم الإتيان وهذا الاستصحاب إن فرضناه أنه في داخل الوقت فلا إشكال في كونه منجزا للصلاة بالوضوء والإتيان به مرة أخرى ، لأن المكلف كان يعتمد على قاعدة التجاوز ثم تبيّن له ، إمّا اجتهادا أو تقليدا أن قاعدة التجاوز غير مجعولة في مراتب الوضوء لكونها مخصّصة في المقام ، إذن فالمنجز في حقه إعادة الوضوء في داخل الوقت لاستصحاب عدم الإتيان بالجزء المشكوك من وضوئه ، وأما إذا كان انكشاف الخلاف بالاستصحاب بعد انتهاء الوقت ، كما لو تخيل جريان قاعدة التجاوز في طول الوقت فأجراها ثم بعد خروجه التفت إلى عدم جريان قاعدة في موارد الوضوء لكونها مخصّصة كما تقدم فأجرى استصحاب عدم الإتيان فهنا أيضا لا إشكال في وجوب القضاء إذا كان وجوبه بالأمر الأول ولم يكن بأمر ثاني إذ عدم الإتيان يثبت باستصحاب عدم الإتيان لأن الأمر الأول معلوم التوجه إلى المكلف