القضاء حتى لو قيل بأن موضوعه «الفوت» وذلك ، لأن الموضوع مركب من جزءين ، «فوت شيء» ، «وكون ذاك الشيء واجبا» ، وفي المقام ، فوت الشيء متحقق ، إذ قد فاتته الجمعة بالوجدان واليقين ، وكل الشيء الفائت واجبا ، هو أيضا ثابت بالاستصحاب ، فيثبت موضوع وجوب القضاء ، خلافا للصورة الأولى.
وجواب هذا التوهم هو أن يقال ، بأن موضوع وجوب القضاء بناء على أن يكون هو «الفوت» لا يصح أن يجعل مركبا من جزءين ، وإن كان استظهار التركيب بين القيود هو مقتضى القاعدة العرفية في موضوعات التكاليف ، بل لا بدّ وأن يكون الموضوع في المقام مأخوذا بنحو التقييد ، فيكون الموضوع فوت الشيء الواجب بما هو واجب بحيث أن الفوت والواجبية أخذ أحدهما مقيدا بالآخر ، والنكتة في لزوم أخذ أحدهما مقيدا بالآخر ، هو أن الفوت لا يتحقق إلّا إذا انتزع من خصوص عدم الإتيان بشيء له مزيّة ، فالفوت لا يضاف إلى صلاة الجمعة أو أي صلاة أو فعل بما هو صلاة جمعة أو فعل ، حيث لا يقال لمن فاتته صلاة ثلاث ركعات في النهار أنه فاتته ، ذلك لأنه لم تشرع في حقه ثلاث ركعات في النهار ، فالفوت في الحقيقة أمر منتزع عن وجوب الشيء مع عدم وقوعه خارجا لا أن كل ما لم يقع خارجا يصدق عليه أنه قد فات ، فالفوت لا ينسب إلى الشيء بذاته بل هو يكون في طول عدم وقوع شيء يكون واجب الوقوع وعليه فالفوت لازم عقلي لمجموع أمرين أحدهما عدم الإتيان والآخر كون الشيء المتروك واجبا لا بد من إتيانه ، إذن فكما أن استصحاب عدم الإتيان في الصورة الأولى كان مثبتا وهو غير مثبت للفوت ، كذلك هنا استصحاب الوجوب في الصورة الثانية يكون مثبتا ولا يثبت الفوت إذن ، فحكم الصورة الثانية كحكم الأولى.
الصورة الثالثة : وهي أن يكون انكشاف الخلاف بأصل عملي جاري في حقه كأصالة الاشتغال بملاك منجزية العلم الإجمالي ، كمن حصل له علم إجمالي بوجوب الظهر أو الجمعة ولكنه كان يتخيّل انحلال هذا العلم