وكذلك الحال بناء على الإطلاق الذي قرّبناه ، فإن دلالة الأمر على الوجوب إنما كان باعتبار الإطلاق ، والإطلاق يقتضي نفي الترخيص في الترك ، فعلى هذا ، لا يمكن إعمال وحدة السياق في المقام ، إذ غاية الأمر أنه يوجد كلمات متعددة تدل على الطلب ، وبإطلاقاتها تدل على كون الطلب غير مرخص في تركه ، فلو ثبت من الخارج ، أن بعض هذه المطلقات مقيّدة ، فلا يلزم من ذلك أن تكون كل هذه المطلقات مقيدة ، لأن أصل المعنى على أي حال محفوظ فيها جميعا ، وهو الطلب ، وأمّا كون الطلب غير مرخص في تركه ، فهذا من شئون إطلاق المعنى ، لا من شئون أصل المعنى ، فلا يضر بوحدة السياق ، الالتزام بكون بعضها مقيدا ، وبعضها غير مقيد ، كما لو ورد «أكرم العالم وأكرم الهاشمي وأكرم الكريم» ، وعلم من الخارج أن العالم والهاشمي مقيّد بالعدالة ، ولا يدرى أن الكريم مقيّد بالعدالة أو غير مقيد ، فحينئذ يتمسك بإطلاق «أكرم الكريم» ، لأن الكريم يستحب إكرامه لأجل كرمه ، ولو لم يكن عادلا ، ولا يلزم من هذا تغير في السياق ، لأن أصل المعنى واحد في الجميع.
إذن فدلالة وحدة السياق تامة في الجميع على مذهب الوضع ، وغير تامة على مذهب الميرزا ومسلك الإطلاق الذي بيّناه.
الثمرة الرابعة
وهي فيما لو فرض أن وجد أمر واحد بشيئين ، لا أوامر متعددة بأشياء متعددة ، بل أمر واحد تعلق بشيئين ، من قبيل «اغتسل للجمعة وللجنابة» ، وعلم من الخارج أن غسل الجمعة ليس واجبا ، فحينئذ ، هل يمكن إثبات وجوب غسل الجنابة بمثل هذا الأمر ، أو لا يمكن ذلك؟.
فبناء على مسلك الوضع لا يمكن أن نثبت وجوب غسل الجنابة ، لأن الوجوب والاستحباب مدلول لفظي ، «فاغتسل» ، إمّا أن تكون مستعملة في الوجوب ، أو في الاستحباب ، أو في الجامع بين الوجوب والاستحباب.