المسألة الفلسفية
ذكرنا أن روح المسألة الكلامية ، هو تشخيص هوية الفاعل ، وقلنا أن هذه المسألة وحدها لا تكفي لتحقيق حال مسألة الجبر والاختيار ، إذ بعد فرض تعيين الفاعل ، يبقى الكلام في أن صدور الفعل من هذا الفاعل ، هل هو بالاختيار ، أو ليس بالاختيار ، ومن هنا يعلم ، أن القول المعتزلي في المسألة الكلامية أو المسلك الإمامي فيها لا يثبت الاختيار وحده ، بلا ضم عناية زائدة ، لأن المسلك المعتزلي ، إنما يشخّص ، أن الفاعل محضا هو الإنسان ، والمسلك الإمامي يشخّص أن الفعل له فاعلان طوليان أو عرضيان على الاحتمالات السابقة ، أمّا أن هذا الفاعل الإنساني ، هل يكون دخله في الفاعلية ، دخلا اختياريا ، أو غير اختياري ، فهذا يحتاج إلى مئونة زائدة ، وهي مئونة المسألة الفلسفية.
نعم المسلك الأشعري ، الذي يشخّص أن الفاعل محضا هو المولى تعالى ، ويجرّد الإنسان عن الفاعلية ، فهذا يكفي لنفي الاختيار عن الإنسان ، لأن الفعل ، إن لم يكن فعله ، فمن الواضح أنه ليس مختارا فيه ، لأن كل ذات ، غير مختارة في أفعال غيرها ، بل في أفعال نفسها ، فالمسلك الأشعري في المسألة الكلامية ، يكفي لنفي الاختيار عن الإنسان ، ولكن المسلكين الأخيرين ، لا يكفيان لإثبات الاختيار للإنسان.
ومن هنا كانت الحاجة إلى المسألة الفلسفية ، والمسألة الفلسفية بحسب