دفع الشبهة
اختلفت المسالك والمباني في كيفية التخلص من هذه الشبهة ، فبعضها يرجع إلى المناقشة في المقدمة الأولى (١) ، وبعضها الآخر يرجع إلى المناقشة في المقدمة الثانية.
المسلك الأول
وهو ما ذهب إليه المشهور من الفلاسفة ، حيث أنهم ناقشوا في المقدمة الأولى ، مع الاعتراف بالمقدمة الثانية وهي أن فعل الإنسان مسبوق بالضرورة ، لأنه لا يوجد إلّا بوجود علته ، ومع وجود العلة ، يكون واجبا بالغير ، وضروري الوجود ، وأمّا في المقدمة الأولى ، فقد قالوا ، بأن الاختيار لا ينافي مع الضرورة ، بل يلائم مع الضرورة ، وذلك أنهم فسّروا الاختيار ، بأن معناه أنه ، «إن أراد فعل ، وإن لم يرد لم يفعل» ، فالاختيار مرجعه إلى هذه القضية الشرطية ، ومن الواضح أن هذه القضية الشرطية ، ناظرة إلى الملازمة بين شرطها وجزائها وشرطها هو الإرادة والمشيئة ، وجزاؤها هو «أن يفعل» ، وليست ناظرة إلى أن شرطها ، هل هو موجود بالضرورة ، أو هو مفقود بالضرورة ، إذن فهذه القضية صادقة بصدق الملازمة بين الشرط والجزاء ، فقد يكون شرطها واجبا بالضرورة ، وبالتالي قد يكون جزاؤها أيضا واجبا بوجوب
__________________
(١) مصابيح الأصول ـ بحر العلوم ص ١٩١ ـ ١٩٢.