الاختيار يرجع إلى هذا المعنى ، معناه ، أن الاختيار أمر وهمي ، للجهل وعدم الاطّلاع الكامل بتمام الخصوصيات الدخيلة في تحرك الإنسان أو الحيوان ، وهذا هو عين القول بالجبر ، وليس دفعا لشبهة الجبر.
المسلك الرابع لحل الشبهة
وهذا المسلك الرابع ، في مقام التخلص من الشبهة ، هو مختار المحقق النائيني (قده) ، فإنه سلّم بالمقدمة الأولى والثانية ، ولكنّه لم يقبل بالمقدمة الثانية على إطلاقها ، ورفض أن تكون قوانين العليّة على إطلاقها ، شاملة لأفعال الإنسان الاختيارية ، نعم أفعال الإنسان الغير اختيارية ، وسائر حوادث الكون ، هي مشمولة للمقدمة الثانية.
وتوضيح ما أفاده (قده) : أن حدوث أيّ حادث بمحض إمكانه الذاتي ، هو غير معقول ، فإنّ المحض الذاتي معناه ، أن وجود الحادث وعدم وجوده على حد واحد (١) ، والإمكان بهذا المعنى ، نسبته إلى الوجود والعدم (٢) ، نسبة واحدة ، فكيف يكون هذا الإمكان ، منشأ في الوجود أو منشأ في العدم؟. فإنه يستحيل أن يكون هذا الإمكان الذاتي ، منشأ لترجيح (٣) الوجود على العدم ، أو لترجيح العدم على الوجود ، إذ يحتاج ترجيح الوجود على العدم ، إلى أمر زائد على الإمكان الذاتي ، وهذا الأمر الزائد هو أحد شيئين :
الأول : هو العلة الموجبة ، يعني الضرورة التي تنشأ من علة طبيعية ، فإنه إذا وجدت علة تامة لحادثة من الحوادث ، فلا محالة تصبح تلك الحادثة ضرورية الوجود ، ويكون وجوبها نتيجة للوجوب بالغير ، والضرورة بالغير ، المكتسبة من العلة الموجبة.
الثاني : هو أعمال القدرة ، فإنه قد يتفق أن الحادثة يكون لها إمكان
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي ـ ج ١ ص ٦٩.
(٢) أجود التقريرات ـ الخوئي ـ ص ٤٥.
(٣) رسائل صدر المتألهين الشيرازي ص ١١ ـ ١٢.