من الإنسان بالاختيار ، وبالسلطنة ، وليس بالجبر والضرورة ، فلا بدّ من الالتزام ، من أن الاحتمال الرابع ، باطل ، لأن هذا الاحتمال ، مرجعه إلى الجبر في المقام ، لأن الفاعل المباشر ، هو المولى تعالى على ضوء هذا الاحتمال ، وإرادة الإنسان التي هي المقدمة الإعدادية ، لا يمكن الالتزام ، بأنها من فعل الإنسان ، لأن هذا الاحتمال ، يحصر الفاعلية والخالقية بالمولى تعالى ، وذلك ، لأن الإرادة ، باعتبارها حادثة من الحوادث ، فلا بدّ وأن يكون فاعلها هو المولى ، بقانون حصر الفاعلية به ، ولا يكون هناك انتساب فاعلي إلى الإنسان ، لا لذات الفعل ، ولا لمقدماته الإعدادية ، فلا يكون اختيار في المقام ، فهذا الاحتمال الكلامي ، وإن كان يصوّر الأمر بين الأمرين ، لكن ينافي مع الاختيار الذي أثبتناه ، فلا بدّ من طرح هذا الاحتمال ، والالتزام بالاحتمال الثالث.
الأمر الثاني
وهو أن هذا الاختيار الذي ثبت للإنسان في المسألة الفلسفية ، ليس اختيارا مطلقا ، بل هو محدود ، لوضوح أن الإنسان ، ليس مختارا في كل شيء في العالم ، إذ ما أكثر الأشياء التي تقع أو لا تقع بدون اختياره ، وضابط هذا الاختيار المحدود ، هو أن كل أمر إثباتا أو نفيا ، يكون للاعتقاد بالمصالح والمفاسد تأثير في إيجاده ، أو إعدامه ، فهذا داخل تحت قانون السلطنة التي حققناها ، ويدخل تحت هذا الضابط أمران :
الأول : الأفعال الخارجية كالصيام والصلاة والجلوس وغير ذلك من الأفعال التي تتحقق من الإنسان.
الثاني : الإرادة والشوق والقصد إلى هذه الأفعال الخارجية.
أمّا الأمر الأول ، وهو الأفعال الخارجية ، فمن الواضح انطباق الضابط عليه ، لأن هذه الأمور الخارجية ، يكون للاعتقاد بالمصالح والمفاسد تأثير في وجودها وفي إعدامها ، فلو اعتقد المصلحة في القيام ، فهو يقوم ، ولو لم