ب ـ الأمر الثاني : الذي يتوقف صحة فرضيّة الواجب المعلّق عليه هو : أن يكون القيد الذي أخذ الواجب معلقا بالنسبة إليه ، «كطلوع الفجر» أن يكون هذا القيد من قيود الترتب لا الاتصاف ، وذلك لوضوح أنه إذا كان من قيود الاتصاف ، إمّا بنحو الشرط المقارن ، أو بنحو الشرط المتأخر ، فإنه حينئذ لا يبقى موجب ومقتض لإطلاق الوجوب من ناحيته ، وعدم أخذه قيدا كما هو معنى الواجب المعلّق ، فإنّ معناه هو : أنّ الوجوب جعل مطلقا من ناحية طلوع الفجر ، ولا يقيّد به ، وحينئذ يكون هذا الوجوب بلا مقتض لو فرض كون القيد قيد اتصاف.
نعم لو لم يكن من قيود الاتصاف ، وكان الاتصاف مطلقا ، إذ إنّ الوجوب يتبع الاتصاف المطلق ، إذن «فطلوع الفجر» إذا كان من قيود اتصاف الفعل بالملاك ، فلا معنى لجعل الوجوب المطلق ، وعليه ، فلا بدّ من أخذه قيدا في الوجوب ، ومعه ، يرجع إلى الوجوب المشروط حينئذ.
وأمّا إذا كان من قيود الترتب لا الاتصاف ، فيعقل حينئذ ، أخذ الوجوب مطلقا من ناحيته ، لأنّ المقتضي للإطلاق موجود ، والمانع مفقود ، أمّا المقتضي لإطلاق الوجوب من ناحيته ، فهو عدم تقيّد اتصاف الملاك به ، وأمّا عدم المانع ، فلأنه لا يلزم منه التكليف بغير المقدور ، لأننا فرضنا أن المولى ضمن وجود هذا القيد.
ج ـ الأمر الثالث : الذي ينبغي توفره هو : إمكان الشرط المتأخر ، وذلك لأن الوجوب الحادث عند الغروب ، وإن لم يكن «بطلوع الفجر» بنحو الشرط المتأخر ، إذ فرضنا أنه مطلق من ناحية الطلوع ، ولكنه مشروط لا محالة بقدرة المكلّف على تقدير «طلوع الفجر» على ما بيّناه سابقا ، مشروط بأن يبقى المكلّف حيا قادرا إلى طلوع الفجر ، لوضوح أن هذا الشرط ليس مضمون الوجود عند المولى ، لأنه لا يعلم من سوف يموت ، ومن لا يموت قبل الفجر. فالوجوب إذن من ناحية الطلوع ليس مشروطا به ، وهذا هو معنى كونه معلقا ، ولكن من ناحية القدرة والحياة على تقدير الطلوع يكون مشروطا به ،