يستحق التعرض له هو آخر هذه التقسيمات ، وهو تقسيم المقدمة إلى الشرط المقارن والمتقدم والمتأخر ، تمهيدا للدخول في إشكالية تعقل الشرط المتأخر بل المتقدم. كما ألحقه المحقق الخراساني به حيث ادّعى سراية إشكال تعقل المتأخر إلى المتقدم. وصياغة إشكال عدم تعقّل الشرط المتأخر هو أن يقال :
إنّ الشرط المتأخر غير معقول في نفسه باعتبار أن هذا الشرط ، إمّا أن يفرض أنه لا يؤثر في مشروطه شيئا ، وإمّا أن يفرض أنه يؤثر شيئا.
فإن فرض الأول : فهو خلف الشرطية إذ لا نتعقّل للشرطية معنى إلّا التأثير الضمني للمشروط ، وأن الشرط جزءا من أجزاء العلة المولدة للمشروط ، فسلخه عن المؤثرية هو سلخ عن الشرطية ، وهو خلف.
وإن فرض الثاني وهو كونه مؤثرا : فحينئذ نسأل : هل أن تأثير هذا الشرط يكون في ظرف مشروطه المتقدم ، أو في ظرف وجود نفس الشرط المتأخر ، حيث أنه يوجد عندنا زمانان : زمان للمشروط ، وزمان للشرط المتأخر ، وفي أي الزمانين فرض التأثير للشرط هو غير معقول.
أمّا كون التأثير في زمان المشروط ـ الزمان المتقدم ـ هو غير معقول ، ذلك لأن الشرط المتأخر معدوم في الزمان المتقدم ، فيلزم من تأثيره في الزمان المتقدم تأثير المعدوم ، وهو باطل بالبداهة العقلية لأن المعدوم بما هو معدوم ، لا يمكن أن يؤثر في عالم الوجود.
وإن فرض أن هذا الشرط المتأخر مؤثر في الزمان الثاني ، وهو زمن وجوده ، حينئذ لا يلزم تأثير المعدوم لأنه موجود في هذا الظرف ، لكن يلزم حينئذ أن يكون مؤثرا في الماضي ، مع أن الماضي قد وقع ، والواقع لا ينقلب عمّا وقع عليه ، فيكون مستحيلا لاستحالة انقلاب الواقع عمّا وقع عليه.
هذا تقريب إشكال الشرط المتأخر ، ولحل هذا الإشكال ينبغي البحث في مقامات ثلاثة :