المجعول. وحينئذ يقال : إنّ ما ذكره المحقق الخراساني من أن الشرط هو اللحاظ الملحوظ ، إنما يناسب عالم الجعل عالم إنشاء القضية الشرطية ، كما ينشئ المولى قضية شرطية ، ويقول : إذا استطاع المكلف فليحجّ ، فإنه هنا لا يحتاج إلّا إلى الافتراض والتقدير ، وهذا هو اللحاظ الذي يحتاجه الجعل ، لا الوجود الخارجي ، والوجود اللحاظي هذا يقارن الجعل دائما.
وأمّا عالم المجعول : أي عالم القضية الفعلية الذي يتحول فيه المجعول من التقديرية إلى التحقيقية تبعا لتحوّل الشرط من التقدير إلى التحقيق ، فإنه في هذا العالم ، فعلية المجعول تابعة لوجود الشرط خارجا ، ويكون وجوب الحج بالفعل فرع وجود استطاعة بالفعل ، لا فرع لحاظ الاستطاعة أو وجودها لحاظا. وعليه فإذا فرض كون هذا الشرط متأخرا ، فيكون الوجوب والحكم فرع أمر ، ونتيجة أمر ، بعد لم يولد ، وحينئذ يلزم تأثير المعدوم ، أو تأثير المتأخر في المتقدم ، لأن الشرط هنا هو الوجود الخارجي ، لا الوجود اللحاظي ، إذن فلا يتم كلام المحقق الخراساني.
وتحقيق الكلام في المقام هو : إنّ إشكال استحالة الشرط المتأخر للوجوب يتصور في ثلاثة مواقع :
الموقع الأول :
موقع عالم الجعل ، والمقصود به ، عالم إنشاء الحكم على موضوعه المقدّر الوجود على نهج القضية الشرطية ، وهذا العالم يمكن تصوير محذور الشرط المتأخر فيه بتقريبين :
أ ـ التقريب الأول : هو أن يصاغ المحذور بصيغة لزوم تأثير المتأخر في المتقدم ، وتأثير المعدوم في الموجود.
وهذا التقريب يندفع بما ذكره المحقق الخراساني ، من أن المؤثر في جعل المولى ، إنما هو لحاظ المولى لا جعله ، فإن الجعل عملية اختيارية للمولى ، وهي مربوطة بلحاظاته وتصوراته ، وهي متقدمة ، وإنما المتأخر هو