«ذات الوجوب» لا وجوب على تقدير أنّ هذا تمام المرام ، فيثبت أنّ تمام المنشأ إنما هو ذات الوجوب ، إذن فكما أن مدلول الهيئة ذات الوجوب ، كذلك يكون المنشأ هو ذات الوجوب.
وفي طرف المادة أيضا يثبت ، أنّ متعلّق الوجوب ، هو ذات الفعل «الصدقة» بلا زيادة كما أن مدلول الكلمة هو «ذات الصدقة» بلا زيادة.
ثم إنّ ما ثبت أنه تمام المرام ، هل هو انحلالي تكثّري ، أو أنه ليس انحلاليا وتكثريا؟.
وقد ذكرنا ضابطة الانحلالي والتكثري في مبحث اقتضاء الأمر للمرة أو التكرار ، وقلنا هناك ، إن إطلاق الحكم بلحاظ موضوعه ، دائما يكون انحلاليا ، وإطلاق الحكم بلحاظ متعلّقه الأصل فيه عدم الانحلالية ، وهذا أصل تابع لنكتة أخرى غير مربوطة بمقدمات الحكمة ، وحيث أنه يوجد في موارد الإطلاق الشمولي دالان ، دال على أصل الإطلاق وهو مقدمات الحكمة ، ودال على الشمولية وهو الأصل الذي بيّناه فيما سبق والذي يقضي بأن إطلاق الوجوب بلحاظ موضوعه وهو المكلّف ، انحلالي ، كما أن للإطلاق البدلي للمادة دالّان ، أحدهما دال على أصل الإطلاق ، ودال على البدلية ، والدال على أصل الإطلاق هو مقدمات الحكمة ، والدال على البدلية هو تلك القرينة.
والتعارض بحسب الحقيقة ليس بين الدال على البدلية هنا ، والدال على الشمولية هناك ، بل بين الدال على الإطلاق هنا ، والدال على الإطلاق هناك ، إذن فلا موجب لتقديم إطلاق الهيئة بهذا التقريب.
التقريب الثاني : لتقديم إطلاق الهيئة هو أن يقال : إن الأمر في المقام يدور بين تقييدين : بين تقييد الهيئة وبين تقييد المادة ، إلّا أن تقييد الهيئة أشدّ محذورا من محذور تقييد المادة ، وذلك لأننا إذا قيّدنا المادة ، فحينئذ يبقى إطلاق الهيئة على حاله ، ولا موجب لبطلانه ، وحينئذ يجب التصدّق المقيّد