معارض له ، لأن إطلاق المادة معلوم السقوط تفصيلا ، فيتمسك بأصالة الإطلاق في الهيئة بلا معارض.
ولكن هذا التقريب ، إنما يتم إذا كان القيد المحتمل الدخل على سنخ واحد في الوجوب والواجب.
أمّا إذا كان محتمل الدخل في الوجوب على نحو الحدوث ، بمعنى أن حدوثه دخيل ، وكان محتمل الدخل في الواجب على نحو الظرفية ، بنحو يكون لا بدّ من إيقاع الواجب حينه ، فيحصل التعارض لا محالة ، وأن كلا من التقيدين حينئذ ليس معلوما ، فأصالة عدم هذا التقييد تكون معارضة بأصالة عدم ذلك التقييد ، هذا كله فيما إذا كان الدليل الذي دلّ على التقييد منفصلا.
وأمّا إذا كان الدليل الذي دلّ على التقييد متصلا ، فهذا المقيّد المتصل ، تارة يفرض أن لسانه متوجه نحو الهيئة ، أو نحو المادة ، لكن المكلّف لا يعلم هل أنه متوجه نحو المادة أو نحو الهيئة ، وإن كان المتكلم يعلم ذلك من قبيل أن يقول ، تصدّق عند قيامك ، وتارة أخرى يفرض أن هذا العبد ، بحسب طبعه ، ليس متوجها نحو الهيئة بالخصوص ، ولا إلى المادة بالخصوص ، بل هو بيان لجامع التقييدين ، غايته أنه بيّنه بمثل هذه العبارة ، فيقول : «تصدّق ولا تجزي الصدقة قبل القيام» وعبارة «لا تجزي الصدقة قبل القيام» ، كما قد يكون ، لأنّ «القيام» قيد للواجب ، كذلك قد يكون بلحاظ أن القيام قيد للوجوب ، وكلاهما يناسب مع «عدم الإجزاء».
فهذه العبارة تدل على معنى مستقل يستلزم بطلان أحد الأمرين : إمّا الهيئة وإمّا المادة ، إذن فنحن نتصور المقيّد المتصل على نحوين ، فلا بدّ من الكلام على كل من هذين النحوين :
١ ـ النحو الأول : وهو كون القيد دالا على مطلب مستقل ، وليس متجها لا إلى المادة بالخصوص ، ولا إلى الهيئة بالخصوص ، وحينئذ ، فإن قلنا بأنّ تقييد الهيئة لا يستلزم تقييد المادة ، وأنكرنا انحلال العلم الإجمالي الذي تقدّم