مرحلة الصدور ، ومرحلة الدلالة والكشف عن المراد الواقعي للمتكلم ، هنا لا بدّ من التفريق بينهما وذلك ، لأن الراويين إذا نقلا كلامين عن المولى :
أحدهما نقل العام والآخر نقل الخاص فهنا مرحلتان :
المرحلة الأولى : هي أن هذين الكلامين هل صدرا من المولى حقيقة ، أو أنه لم يصدر أحدهما من المولى حقيقة.
المرحلة الثانية : بعد فرض صدور كلا الكلامين من المولى ، حينئذ يصير الكلام في مرحلة الدلالة والكشف عن المراد الواقعي للمولى.
وبتعبير آخر : بعد الفراغ عن مرحلة الصدور ، ننتقل إلى الكلام ، حول أنّ إرادة المولى الجدّيّة على طبق كشف أيّ الكلامين؟.
وهنا يقال : بأنّ قواعد الجمع العرفي التي منها تقديم أقوى الظهورين ، هذه القواعد ، عملها في المرحلة الثانية ، مرحلة الدلالة والكشف ، لأنه فيها وقع التناقض والتنافي بين الكاشفيّتين ، حيث في هذه المرحلة يصلح أن يكون أقوى الظهورين قرينة على المراد من الآخر ، فيقدّم الخاص على العام.
ولكن لو كان الإشكال واقعا في المرحلة الأولى ، وهو كذب أحد الكلامين إجمالا ، حينئذ ، هنا لا مجال لإعمال الجمع العرفي ، وتقديم أقوى الظهورين على أضعفهما ، وذلك لأننا لم نحرز بعد ظهور ظهورين حتى نقدّم أقواهما على أضعفهما.
وبهذا يتضح أن قياس العلم الإجمالي بكذب أحد الراويين على محل الكلام ، هو قياس في غير محلّه ، لأنّ العلم الإجمالي بكذب أحد الراويين مربوط بالمرحلة الأولى ، بينما محل الكلام مربوط بالمرحلة الثانية ، أي : إنّ التنافي بن الظهورين يقع في المرحلة الثانية ، وفيها لا بدّ من إعمال قواعد الجمع العرفي حينئذ.
التقريب الثاني : هو أن حجيّة كل إطلاق مشروطة بعدم المقيّد ولو