يصلي صلاة الليل من ليل الأحد ، فالصلاة يوم السبت واجبة عليه. إذن فأخذ الشرط مفروض الوجود ، مساوق مع موطنه ، وهذا ليس رجوعا إلى الوراء حتى يلزم التهافت ، بل إن المولى قفز بنظره إلى ما وراء حاجز الزمن الذي هو يوم السبت ، قفز إلى ليلة الأحد ، ولاحظ الصلاة التي سوف تكون في هذه الليلة ، ثم عاد لكي يتصورها يوم السبت ، ويشرّع على ضوئها.
وبعبارة أخرى : إنّ تقدير الغسل في ليلة الأحد ، لا ينحصر في تقديرها ماضية ، وفي الزمان السابق ، بل أمر التقدير والفرض واللحاظ بيد الملاحظ ، فله أن يقدّر ذلك مستقبليا ، أي : يقدر أن العبد سوف يصلي في الليلة القادمة ، لأن تحديد ظرف المقدّر من حيث فرضه مستقبلا ، أو ماضيا ، يكون بيد المقدّر نفسه فلا يلزم أي تهافت في اللحاظ.
الموقع الثاني :
إشكال أخذ الشرط المتأخر في عالم المجعول ، وفي هذا الموقع يأتي نفس الإشكال السابق الصادر عن مدرسة المحقق النائيني ، والذي حاصله : إن الحكم بعد أن يجعل من قبل المولى بنحو القضية الشرطية ، فتكون فعليّة الجزاء معلولا لفعلية الشرط خارجا ، وإذا كان الشرط متأخرا ، فيكون المتأخر علة للمتقدم ، وهو محال.
وجوابه هو : إنّ عالم المجعول عالم خيالي ، وحاصله أن المولى بعد أن يجعل وجوب الحج على المستطيع بنحو القضية الشرطية ، ويقول : (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ،) ثم وجدت الاستطاعة بعد ذلك في زيد ، لم يحدث شيء جديد ، فلو أنه حدث شيء جديد ، لجاء الإشكال ، بأن هذا شيء جديد قد حدث وشرطه متأخر ، وبه يلزم أن يكون المتأخر علة للمتقدم.
ولكن نقول بعد أن يتم الجعل ، وبعد أن تتحقق الاستطاعة خارجا ، لا يحدث شيء جديد لم يكن حادثا ، لأن هذا الشيء الذي يفترض حدوثه