منفصلا ، فإن المقيّد المنفصل يهدم أصل الظهور ، والمقيّد المتصل يهدم حجيّة الظهور دون أصله.
وفي المقام نعلم إجمالا أن أحد الإطلاقين بعينه المعيّن عند الله تعالى ، المجهول عندنا ، قد ورد عليه مقيّد منفصل ، وبهذا تسقط حجيّته يقينا ، والإطلاق الآخر لم يطرأ عليه مقيّد منفصل ، فتبقى حجيته. إذن فنحن بين إطلاقين : أحدهما المعيّن عند الله ساقط عن الحجية ، والآخر المعيّن كذلك باق على حجيته. فالمقام إذن من موارد تمييز الحجة عن اللّاحجة ، وفي مثل ذلك لا تجري قواعد الجمع العرفي ، وإنما يجري تقديم أقوى الحجّتين على أضعفهما ، فيما إذا لم يكن أحدهما ساقطا عن الحجية جزما ، والآخر باق على الحجية جزما ، وأمّا حيث حجية أحدهما ساقطة جزما ، والآخر حجيته باقية جزما فلا ، بل هو من باب تمييز الحجة عن اللّاحجة ، لا تقديم أضعفهما.
وهذا التقريب لا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لأن حجية الإطلاق ليست مشروطة بعدم وجود مقيّد في علم الله تعالى ، بل بعدم وجود مقيّد بحسب فهمنا.
وبعبارة أخرى : هي مشروطة بعدم العلم بالمقيّد المنفصل ، لا بعدم واقع المقيّد المنفصل.
وفي المقام لا يوجد علم تفصيلي بمقيّد أيّ واحد من الإطلاقين ، لا إطلاق الهيئة ، ولا إطلاق المادة ، وإنما هناك علم إجمالي ، ونسبة هذا العلم الإجمالي إلى كلا الطرفين على حد سواء ، فلا يتعيّن أحدهما للسقوط دون الآخر حتى يقال : إنّ هذا من موارد تمييز الحجة عن اللّاحجة.
فدعوى أنّ هذا من موارد تمييز الحجة عن اللّاحجة ، مبنيّة على تخيّل أن حجية الإطلاق مشروطة بعدم واقع المقيّد المنفصل في علم الله تعالى ، وعليه يكون أحد الإطلاقين ساقطا عن الحجّية واقعا ، والآخر حجيته باقية.
مع أنه لا موجب لذلك ، لأن حجيّة كل إطلاق وظهور ، مشروطة بعدم وصول المقيّد المنفصل ، وليس بعدم واقع المقيّد المنفصل.