تصلح للتعرض بالدلالة المطابقية كذلك ، تصلح لأن تكون بالتعرض بالدلالة الالتزامية.
وإن أريد أنه لا بدّ من أن يكون أحد الدليلين بمدلوله متعرضا لحال مدلول الدليل الآخر إمّا مطابقة ، وإمّا التزاما ، فهذا صحيح ، وهذا موجود في المقام أيضا ، لأنّ كلا من الدليلين له مدلول التزامي ، وهو : إنّه لو كان أحد الأمرين كذبا ، إذن فالكاذب غيره ، يعني أن عموم الصائم لا يضره ما صنع إذا اجتنب ثلاث ، هذا العموم يقول : إنّه لو كان لا بدّ من ثبوت أحد أمرين : إمّا مفطريّة أمر رابع.
وإمّا وجوب صلاة الآيات على الحائض قضاء ، إذن فذاك هو الواجب ، لا هذا هو الثابت.
كما أنّ دليل الحائض لا تقضي ما فاتها من الصلاة ، يدل بالدلالة الالتزامية على أنه لو كان لا بدّ من ثبوت أحد الأمرين ، من وجوب قضاء صلاة الآيات على الحائض ، أو مفطّريّة الأمر الرابع للصائم ، فالمفطر الرابع ثابت لا القضاء ، وهاتان دلالتان التزاميّتان متعارضتان بالذات في المقام.
غاية الأمر ، أنّ كلا منهما على نهج القضية الشرطية ، ولكن الشرط فيهما واحد ، والجزاء متباين ، ولهذا تعارضا ، لأنّ الشرط فيهما معا يقول : إنّه لو كان أحد الأمرين صادقا إذن فغيري هو الكاذب ، والآخر يقول : غيري هو الكاذب. فالشرط إذن ، أنه لو كان أحد الأمرين كاذبا ، فكل منهما يتهم الآخر بأنه الكاذب.
وهنا وظيفة الدليل الثالث الذي هو العلم الإجمالي ، إثبات شرط هاتين القضيتين الشرطيتين.
وبهذا يتضح أن كلّ متعارضين بالعرض ، هما متعارضان بالذات ، باعتبار هاتين الدلالتين الالتزاميّتين.