والميزان في معاقبة المولى على الترك ، وعدم معاقبته على تركه بما هو هو ، ميزان ذلك ، أنّ المولى إذا جعل المطلب على عهدتنا مستقلا ، فالعقل يحكم بأنّ الإخلال به موجب للعقاب ، لأن عهدة المكلّف انشغلت بإشغال المولى لها فأصبحت مدينة بهذا الشيء للمولى.
فإذا لم يأت المكلف بما اشتغلت به عهدته وذمّته ، يكون مقصرا ومعاقبا ، وأمّا إذا لم يجعل الشيء في العهدة إلّا تبعا لشيء آخر ، وإنما المجعول في العهدة هو ذاك الشيء الآخر ، إذن فلا عقاب ، وإنما العقاب على ذاك الشيء الآخر ، باعتبار أن إشغال العهدة والمدينيّة إنما هي باعتبار ذاك الشيء الآخر ، لا بلحاظ هذا.
إذن فما هو مورد للعقاب حقيقة والمسمّى بالواجب النفسي ، هو ما كان مستقلا في الإدخال بالعهدة ، وما هو ليس موردا للعقاب بما هو هو والمسمّى بالواجب الغيري ، هو ما كان غير مستقل في الإدخال في العهدة ، بل كان ثابتا لشيء آخر ، وذاك الآخر هو الداخل في العهدة.
إذن فالتبعية والأصالة لا تلحظان في الواجب النفسي والغيري بلحاظ عالم الملاك ، وعالم الحب ، وعالم الشوق ، بل بلحاظ عالم اشتغال الذمة.
وبناء على ذلك يقال في المقام : بأن الصلاة بحسب عالم الملاك والشوق ، وإن كانت ثابتة للفائدة المترتبة عليها ، وهي القرب من الله تعالى ، ولكن في مقام اشتغال العهدة أدخل المولى الصلاة في ذمتنا مستقلا ، لا أنه أشغل عهدتنا بتلك الفائدة لكي تكون الصلاة تبعا لتلك الفائدة ، وحينئذ حيث أنه أعمل مولويته مستقلا بالنسبة إلى الصلاة ، فسوف تقع الصلاة موضوعا لوجوب الحركة عقلا ، ولاستحقاق العقاب على تقدير عدمها ، وهذا هو الواجب النفسي.
وهنا يسأل ، بأنه : لما ذا أعمل المولى مولويته لإشغال عهدتنا بالصلاة ابتداء ، ولم يشغل عهدتنا بتلك الفائدة المترتبة على الصلاة؟.