في الوجوب النفسي ، إذ على تقدير أن يكون الوضوء واجبا غيريا ، فلا وجوب غيري هنا ، إذ لا وجوب للصلاة فعلا حتى يكون الوضوء واجبا غيريا للصلاة ، وإنما الشك شكّ في كونه واجبا نفسيا فقط ، فهو شك بدوي في الوجوب النفسي ، وفيه تجري أصالة البراءة عن الوجوب النفسي بلا إشكال.
وبعبارة أوجز ، هي أن يعلم بكون الوضوء مثلا ، إمّا واجبا نفسيا ، أو غيريا ، لواجب آخر غير فعلي في حق المكلّف ، كالصلاة على الحائض ، وهنا تجري أصالة البراءة عن الوجوب النفسي للوضوء.
الصورة الثانية : هي أن يفرض أن هذا الوضوء مردد بين كونه واجبا نفسيا ، أو واجبا غيريا من أجل الزيارة بنحو بحيث أن الزيارة في نفسها لا نعلم بوجوبها ، وإنما يثبت وجوبها لو كان هذا واجبا غيريا ، فهنا يتشكل علم إجمالي بوجوب أحد الفعلين : إمّا الوضوء وإمّا الزيارة ، لأن الوضوء إن كان واجبا بالوجوب النفسي ، فهو ، وإلّا فهو مقدمة للزيارة التي هي واجبة بالوجوب النفسي.
إذن فيعلم إجمالا بوجوب أحد الأمرين : إمّا الوضوء وإمّا الزيارة المقيدة به ، وحينئذ يقع الكلام حول منجّزيّة هذا العلم الإجمالي ، وكونه موجبا لتعارض الأصول في الطرفين ، أو أنه غير منجز.
قد يبين عدم منجزية العلم الإجمالي في المقام بأحد بيانين :
البيان الأول : هو أن يقال : بأن العلم الإجمالي بوجوب أحد الفعلين : إمّا الوضوء ، وإمّا الزيارة ، منحل إلى العلم التفصيلي بوجوب الوضوء ، لأن الوضوء على أي حال ، واجب إمّا بالوجوب النفسي ، وإمّا بالوجوب الغيري ، إذن فهو معلوم الوجوب تفصيلا ، فينحل هذا العلم الإجمالي بالعلم التفصيلي المتعلق بأحد طرفيه ، وبعد الانحلال يكون الشك في وجوب الزيارة شكا بدويا ، فتجري فيه أصالة البراءة عن وجوب الزيارة.
وهذا البيان غير تام ، وذلك لعدم تعقل الانحلال الحقيقي في المقام