الفرض الثاني : هو أن نفرض أن دائرة الشرط أوسع من دائرة الواجب النفسي ، وذلك بأن نفترض أن الوضوء إذا كان واجبا نفسيا فهو واجب قبل الزوال ، كما تقدّم في الفرض السابق ، وأمّا إذا كان واجبا غيريا ، وشرطا في الصلاة ، فشرط الصلاة كما يتحقق بالوضوء بعد الزوال ، كذلك يتحقق بالوضوء قبل الزوال أيضا ، إذ الصلاة ليست مقيّدة بالوضوء بعد الزوال خاصة ، وإنما هي مقيّدة بمطلق وقوع الوضوء قبلها ، وبهذا يختلف عن الفرض السابق ، لأننا في الفرض السابق كنّا نفرض أن الوضوء إذا كان شرطا فيكون وجوده المتأخر عن الزوال ، شرطا خاصا دون وجوده السابق على الزوال ، أمّا هنا فنفرض سعة في الشرط ، فالوضوء يفي بالشرط ، سواء أكان قبل الزوال أو بعده.
والآن لو جئنا نرى الصورة الثانية ، وحال الصورة الرابعة ، على ضوء هذا الفرض.
فنرى أن الصورة الثانية وهي ما إذا فرض تردّد أمر الوضوء ، بين كونه واجبا نفسيا ، أو شرطا في واجب نفسي آخر وهو الزيارة ، ونفرض أنّ الزيارة لم يثبت وجوبها النفسي من غير هذه الناحية ، إذن فيتشكل علم إجمالي بوجوب نفسي استقلالي مردّد بين أن يكون متعلقا بالوضوء قبل الزوال ، أو بالزيارة المقيّدة بالوضوء ولو قبل الزوال.
ومن الواضح أن هذين التكليفين المعلوم أحدهما إجمالا ، لا ينطبق عليهما قانون الانحلال المذكور ، لأن مخالفة أيّ واحد من الطرفين لا يستلزم مخالفة الطرف الآخر ، بل يمكن أن ينفك مخالفة كل واحد من الطرفين عن مخالفة الطرف الآخر ، فيمكن للمكلّف أن يخالف الوجوب النفسي المحتمل تعلّقه بالوضوء قبل الزوال ، ولكن يمتثل الوجوب الآخر ، وذلك بأن يترك الوضوء قبل الزوال ، ويتوضأ ويزور بعد الزوال ، فيخالف الوجوب النفسي المحتمل للوضوء ، لأنه لم يأت به في ظرفه ، ولكنّه قد امتثل الوجوب النفسي المحتمل تعلّقه بالزيارة ، وقد ينعكس المطلب ، وذلك بأن يتوضأ قبل الزوال ،