الوجوب الضمني الواقع طرفا للعلم الإجمالي ، يكون بأن يصلي دون وضوء ، لا قبل الزوال ، ولا بعده.
ومن الواضح ، أنه حينما يصلي ولا يتوضأ ، لا قبل الزوال ولا بعده ، حينئذ يكون هذا مخالفة قهرية للوجوب النفسي المحتمل تعلّقه بالوضوء أيضا ، فتحصل المخالفة القطعية لا محالة.
وهذا معناه أن مخالفة الوجوب الضمني تستلزم مخالفة الوجوب النفسي ، ولكن مخالفة الوجوب النفسي لا تستلزم مخالفة الوجوب الضمني.
وحينئذ يقال : إنّ أصالة البراءة عن الوجوب الضمني لا تجري ، لأنه في فرض مخالفة الوجوب الضمني يعلم بالمخالفة القطعيّة على كل حال ، لأنه يلزم من مخالفة الوجوب الضمني مخالفة الوجوب النفسي على أي حال ، فإذا كان جريان أصالة البراءة «عن الوجوب الضمني» للتأمين من العقاب ، فهذا غير معقول ، لأن مخالفة الوجوب الضمني تستلزم مخالفة الطرف الآخر ، وهي المخالفة القطعية ، إذن فأصالة البراءة عن الوجوب الضمني ، لا تكون مؤمّنة بخلاف أصالة البراءة عن الوجوب النفسي للوضوء ، فإنها تؤمّن دون أن تستلزم مخالفة للطرف الآخر ، إذن فهنا ينطبق قانون الانحلال في المقام.
الجهة الثالثة :
من الواجب النفسي والغيري ، هي في استحقاق العقاب والثواب على الأوامر الغيرية ، مخالفة وامتثالا.
والكلام في ذلك يقع أولا في العقاب ، وثانيا في الثواب.
وأمّا العقاب : فلا إشكال في أن مخالفة الأوامر النفسية توجب استحقاق العقاب ، لأن مخالفة الأوامر النفسية على خلاف حق الطاعة الثابتة للمولى على العبد ، هي تضييع لحق المولى ، وتضييع الحق يصحّح العقاب لا محالة من قبل من له الحق على من عليه الحق.