العمل قريبا لما تقدّم من أن المقدمة المأتي بها بقصد التوصل إلى ذيها ، محسوبة على المولى فتدخل في تحديد العوض.
التقريب الثاني : وهو تعميق للتقريب الأول ، حيث يقال : بأننا نسلم بأن الإتيان بالطهارات على وجه قربي وعبادي ، أمر ممكن للمكلّف ، ولكن يستشكل في أن الأمر الغيري لا يمكن أن يكون سقوطه متوقفا على قصد القربة ، لأنه أمر توصلي ، المقصود منه التوصل إلى ذي المقدمة ، وهذا أمر يتحقق بمجرد الإتيان به على أي وجه كان.
والجواب ، هو : إنّه وإن كان الفرض من الأمر الغيري هو التوصل إلى الواجب النفسي ، وهو يتحقق بمجرد الإتيان بالمقدمة.
لكن هنا نقول : بأنّ عباديّة الطهارات دخيلة في وقوعها مقدمة ، بمعنى أن الصلاة تتوقف على الإتيان بالطهارة على وجه عبادي لكي يتحقق الغرض الغيري المقدمي منها ، ومن هنا اختلف المقام عن مثال نصب السلّم للكون على السطح الذي لم يؤت به عباديا ، بل فيه لو أتي به نفسيا أيضا لترتب الكون على السطح.
ولكن هنا الأمر يختلف ، فإنّ الصلاة متوقفة على الإتيان بالطهارات على وجه عبادي ، بحيث تكون العبادية مقوّمة ودخيلة في مقدميّة المقدمة ، وحينئذ لا يرد الإشكال ، غاية الأمر أن كون العباديّة دخيلة في مقدميّة المقدمة لها شكلان :
فتارة تكون العبادية بنفسها ممّا يتوقف عليها الصلاة ، فالصلاة تتوقف على أمرين : غسلات ثلاث ومسحات ثلاث ، والأمر الثاني ، هو أن تكون هذه الغسلات والمسحات عباديّة ، كما في الماء ، فكما أنّ الوضوء بالماء غير الطاهر لا يكون مقدمة ، كذلك الوضوء لا بقصد القربة لا يكون مقدمة.
الشكل الثاني لمدخلية العباديّة في مقدميّة المقدمة هو : ما أشار إليه