المنشأ الأول ، ولزوم الدور فيه ، فإنه رغم هذا لا يلزم الدور في المنشأ الثاني ، ولا يتوقف قصد التوصل على قصد التوصل ، لأنه يوجد هنا فرضان :
١ ـ الفرض الأول : هو أنّ المقدمة عبارة عن مجموع الأمرين ، من الفعل الخارجي ، والفعل الجناني الذي هو التقرّب.
٢ ـ الفرض الثاني : هو كون الفعل الخارجي منسلخا عن المقدميّة رأسا ، وأن ما هو المقدمة ، هو مجرد انقداح حالة التقرّب والتعبّد في النفس ، من دون أن يكون للفعل الخارجي دخل أصلا.
ولا إشكال في بطلان هذا الفرض ، فيتعيّن الفرض الأول ، ومعه يكون الفعل الخارجي حينئذ جزء مقدمة أيضا ، والجزء الآخر هو نفس قصد التوصل ، إذ إنّ قصد التوصل فرع أصل المقدميّة لا تماميّتها. وجزء المقدمة مقدّمة ، إذن بقصد التوصل بالجزء الأول ، يحصل الجزء الثاني أيضا ، إذن فيعقل قصد التوصل بالفعل الخارجي إلى ذي المقدمة ، لأنّ قصد التوصل به ذيه ، لا يتوقف إلّا على كونه دخيلا ضمنا في تحقّق ذي المقدمة ، والدخالة الضمنية محفوظة في المقام.
غاية الأمر أن نفس قصد التوصل أيضا ، دخيل ضمني آخر ، فلا دور في المقام ، إذ لم يتوقف قصد التوصل على قصد التوصل.
وإنما يستحيل الإتيان بفعل بقصد التوصل ، فيما إذا كان ذلك الفعل منسلخا عن المقدميّة رأسا ، وأمّا إذا كان جزءا ضمنيا في المقدّمة ، حينئذ يكون له دخل ضمني في تحقق ذي المقدمة ، ويعقل قصد التوصل به إلى ذي المقدمة لا محالة.
ومن حسن الصدفة هنا ، أنّ نفس قصد التوصل هو الجزء الآخر من المقدمة ، وبذلك تتم المقدمة حينئذ من دون أن يلزم دور في المقام.
إلّا أن المحقق الخراساني ، في مقام الجواب على هذا الإشكال ، اختار منشأ آخر ، وهو : إنّ العباديّة لم تنشأ لا من ناحية الأمر الغيري ، ولا من ناحية