بين صوم يوم السبت وصوم يوم الأحد ، لا إلى خصوص المتأخر ، ولا إلى خصوص المتقدم ، هنا أيضا يمكن للمولى في ذلك أن يحكم من أول الأمر في وجوب صوم يوم يقول : يجب أن تصوم يوما إذا صلّيت ليلة الأحد.
وفي حياتنا الاجتماعية أمثلة كثيرة : فالطبيب يصف الدواء ويكون لشربه فائدة كبيرة ، ولكن يشترط على المريض ، إذا أراد أن يحصل على فائدة ، أن يحجم عن أكل اللحم البقري مثلا ، وإلّا كان دواؤه مضرا ، فهنا قد اشترط الطبيب لتحصيل الفائدة من شرب دوائه في الزمن المتقدم ، إحجام المريض عن تناول لحم البقر في الزمن المتأخر ، وهذا شرط متأخر معقول.
ففذلكة الجواب هنا هو : إنّ الشرط المتأخر لا يولّد احتياجا قبله ، بل يولّد احتياجا حين اشتراطه ، والمولى باعتبار تحفظه على شئون عبده ، يجعل عليه وجوبا من أول الأمر ، منوطا بهذا الشرط المتأخر ، وهنا لا يلزم من ذلك تأثير المعدوم في الموجود ، بل هو تأثير موجود في موجود.
المقام الثاني :
في محذور الشرط المتأخر فيما إذا كان شرطا للواجب ، من قبيل غسل المستحاضة في ليلة الأحد الذي هو شرط في صحة صوم يوم السبت. ومحذور الشرط المتأخر في الواجب يتصوّر في موقعين.
أ ـ الموقع الأول : هو كون الشرط ـ كما في المثال ـ واقعا قبل مشروطه الذي هو صوم يوم السبت ، وكون المشروط واقعا قبل شرطه ، مع أن الشرط من أجزاء العلة للمشروط ، ويستحيل تأخره عنه استحالة تأخر العلة عن معلولها.
وجوابه : هو إنّ غسل المستحاضة ليلة الأحد ، وإن كنّا نسميه شرطا كما نسمي صوم نهار السبت مشروطا ، ولكن هذا الشرط والمشروط ليسا من باب العلة والمعلول ، بل إن غسل ليلة الأحد ليس له دخل في وجود صوم يوم السبت ، لبداهة أن المستحاضة يمكنها أن تصوم يوم السبت من دون أن تغتسل