الوضوء ، وكنّا نقول بوجوب إطاعته. حينئذ يصبح ترك الوضوء واجبا وفعله محرما ، وفي مثل ذلك يستحيل محركيّة الأمر النفسي الاستحبابي المتعلق بالوضوء.
وحيث أنّ وجوب الصلاة أهمّ من رعاية أوامر الوالد ونواهيه ، حينئذ يقدم وجوب الصلاة ويتوضأ بمحركية الأمر النفسي المتعلّق بذي المقدمة.
في مثل ذلك كيف نفسّر القربية في الطهارات ، مع أنه لا أمر نفسي بها ، إذن عباديّة الوضوء لا ينحصر أمرها بقصد الأمر النفسي الاستحبابي كما ذهب إليه المحقق (١) الخراساني.
وأمّا ما هو غير وارد على المحقق الخراساني ، وقد أورد عليه :
أولا : هو دعوى أنّ الاستحباب النفسي الذي يريد تصحيح العباديّة به ، يزول بعد اتصاف الوضوء بالوجوب الغيري ، لأنّ الاستحباب والوجوب لا يمكن فعليّتهما معا على الوضوء ، إذن فالوضوء بعد الزوال يتصف بالوجوب ولا يبقى الاستحباب على حاله ، ومع زواله كيف يكون مصحّحا للعبادية؟.
وهذا الإشكال في غير محله ، إذ قد يجاب عليه : بإن الاستحباب لا يزول بذاته ، وإنما يزول بحدّه ، إذ إنّه يندرج ويندمج مع الوجوب ، وينتج عنهما معا إرادة واحدة تكون ممثلة للاستحباب والوجوب الغيري معا ، وما دام الاستحباب محفوظا ، وإن كان بحدّه زائلا ، فيمكن التقرب بقصده.
ولكن يمكن للمحقق الخراساني التخلص من هذا الجواب ، وذلك بأن يقال :
إنّه حتى مع افتراض صحة هذا الجواب يقع محذور ، ذلك باعتبار أن هذه الإرادة الممثّلة للاستحباب والوجوب ، قد أخذ في موضوعها العباديّة ، والمفروض أن العباديّة إنما تصحّ ببعض مراتب هذه الإرادة ، إذن فيلزم محذور
__________________
(١) كفاية الأصول : مشكيني ج ١.