أخذ قصد القربة في متعلّق شخص ذلك الأمر ، إذن فلا يكفي لتصحيح المطلب أن يندكّ الأمر الاستحبابي بحدّه ، بل يبقى المحذور لازما ، باعتبار أن هذه الإرادة الواحدة قد أخذ في متعلقها العباديّة التي لا بدّ من تصحيحها من النشوء عن شخص هذه الإرادة ، فيلزم الدور لا محالة.
ولهذا لا يكفي لتصحيح مقالة المحقق الخراساني أن يقال : بأن ذات الاستحباب محفوظة بحدّه.
بل لا بدّ هنا أن يقال : بأن الاستحباب والوجوب معا موجودان بحدّهما ، وذلك باعتبار اختلاف متعلقهما ، باعتبار أن الاستحباب النفسي متعلّق بذات الوضوء ، بينما الوجوب الغيري متعلّق بالإتيان بالوضوء بقصد امتثال الأمر النفسي الاستحبابي ، فالأول متعلّق بالمطلق ، والثاني متعلق بالمقيّد ، وما دام أن أحدهما متعلّق بغير ما تعلّق به الآخر ، فلا بأس ببقاء كل منهما على حدّه.
في مثل ذلك يتم جواب المحقق الخراساني «قده» وهو : إنّه يمكن للمكلّف أن يتقرّب بلحاظ الأمر النفسي.
إذن فتمامية دعوى المحقق الخراساني «قده» ملاكها هو : انحفاظ كل من الأمر النفسي والاستحبابي بحدّه ، وملاك هذه الدعوى هو : تغاير المتعلق فيهما لا طوليّتهما ، وكون الأمر الغيري في طول الأمر النفسي ، كما ذكر المحقق النائيني «قده» (١).
حيث ذكر أن الأمر الغيري ، حيث أنه متعلّق بالوضوء ، بقصد امتثال الأمر النفسي ، فهو في طوله ، ومع الطولية يبقى كل منهما على حاله.
وهذا الكلام غير صحيح ، لأنهما إذا كانا متحدين في المتعلق ، فيستحيل اجتماعهما بناء على تضادهما ، ومجرد فرض الطوليّة بين الضدين ، لا يصحّح
__________________
(١) فرائد الأصول : الكاظمي ص ١٢٦ ـ ١٢٧ ـ ١١١.
فرائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ١٤٨ ـ ١٥٣ ـ ١٦٩.