اجتماع الضدين ، وإنما المهم في تصحيح اجتماعهما إنما هو تغاير متعلّقيهما ، فالنافع في كون كل منهما موجودا بحدّه ، هو إبراز تغاير المتعلّقين ، حتى لا يصير هناك اجتماع في البين ، لا إبراز الطولية بين الإرادتين ، لأن الإرادتين إذا كانتا على موضوع واحد ، وكانتا متضادتين ، فمجرد فرض الطولية بينهما ، لا يرفع التنافي بينهما.
والخلاصة : إنّه لا يوجد مشكلة في قربيّة الطهارات الثلاث ، إذ لا أقل من إمكان استفادة استحبابها من مثل قوله «ع» : «التراب أحد الطهورين ، ويكفيك عشر سنين» ، منضما إلى مثل قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)
كما أنه لا إشكال في الثواب على الطهارات الثلاث كلّما جيء بها بقصد قربي ، سواء قصد الأمر النفسي الاستحبابي ، أو أنه قصد بها التوصل ، ما دام أنّ دليل الاستحباب لم يدل على اشتراط قصد الأمر النفسي بالخصوص في ترتب الثواب.
وبهذا يظهر أن ثبوت الاستحباب النفسي يكفي في دفع إشكال ترتب الثواب في جميع الحالات.
ولو فرض عدم تمامية الدليل على الاستحباب النفسي ، حينئذ لا محالة ، يكون مدرك الثواب في الطهارات الثلاث ، الإجماع ونحوه من الأدلة اللبيّة ، وهذه الأدلة لا إطلاق فيها لأكثر من موارد الإتيان بها ، بقصد التوصل إلى غاية من الغايات الشرعية القربية.
وحينئذ أيضا يقال : بأنه لا إشكال في ترتب الثواب عليها ، ولو من جهة كثرة الثواب على الغاية بسببها.
بل وكذلك لو فرض انعقاد إطلاق في معقد الإجماع على ترتب الثواب على الطهارات بعنوانها ، ومستقلا عن غاية من غاياتها ، كان هذا بنفسه دليلا بالملازمة على استحبابها ، وكونها مطلوبة نفسيا.