٣ ـ الاحتمال الثالث :
هو ما ينسب إلى الشيخ الأعظم «قده» (١) في تقريرات بحثه ، من أنّ الواجب الغيري إنما هو المقدمة مع قصد التوصل بها إلى ذيها ، على نحو يكون قصد التوصل من قيود الواجب.
وقد ذهب السيد الخوئي «قده» (٢) إلى أن هذا التقييد ، هو نفس التقييد السابق الذي اختاره صاحب المعالم «قده» (٣) ، إلّا أن صاحب المعالم «قده» جعله من قيود الوجوب ، بينما الشيخ «قده» جعله من قيود الواجب.
ولكن الصحيح هو الفرق بينهما من ناحية القيد أيضا ، فإن القيد عند صاحب المعالم «قده» هو إرادة ذي المقدمة ، ولكنّه مع ذلك يأتي بالمقدمة بغير قصد التوصل بها فعلا إلى ذي المقدمة ، إذن فإرادة ذي المقدمة بمعناه الحقيقي ، لا يساوق قصد التوصل بالمقدمة عند صاحب المعالم «قده».
وعلى أيّ حال فهذا الاحتمال وإن نسب إلى الشيخ «قده» إلّا أنّ عبارة التقرير مشوّشة ، ولذلك يحتمل فيها عدة تفسيرات :
أ ـ التفسير الأول : هو كون قصد التوصل قيدا ، أخذ في الواجب الغيري.
ب ـ التفسير الثاني : هو كون وقوع المقدمة امتثالا وعبادة ، موقوفا على قصد التوصل بها إلى امتثال ذي المقدمة.
وهذا لو كان مقصودا ، فهو صحيح ، لما تقدّم من أنّ الوجوب الغيري بنفسه لا يكون قربيا ، وإنما تكون قربيّة المقدمة بقصد التوصل إلى امتثال ذيها.
__________________
(١) مطارح الأنظار : ص ٧١ ـ ٧٤.
(٢) أجود التقريرات : الخوئي ج ١ ص ٢٣٢.
(٣) معالم الدين : الشيخ حسن بن الشهيد الثاني ص ٧٣ ـ ٧٤.