في ليلة الأحد ، إذ ليس صوم يوم السبت منوطا أو ناتجا عن الغسل ليلة الأحد ، وإنما نسمي الغسل بالشرط للصوم بمعنى آخر من الشرطية ، غير الشرطية التي ترجع إلى التأثير والعلّيّة. وتوضيح ذلك هو : إنّ الشرطية لها معنيان.
أ ـ المعنى الأول : هو الشرطية بمعنى المؤثريّة ، وكون شيء دخيلا في علة وجود شيء آخر ، كما يقال : إنّ ملاقاة النار مع الورقة ، شرط في إحراق النار للورقة ، وهذه الشرطية بمعنى المؤثرية ، وكون الملاقاة دخيلة في علة وقوع الاحتراق خارجا.
ب ـ المعنى الثاني : هو الشرطية بمعنى التخصيص والتقييد للمفهوم المأخوذ في متعلق الأمر ، فإنه يقيّد ويحصّص في عالم اللحاظ والتصور ، بشرط ، كما نتصور مفهوم الإنسان ، ثم نتصور إنسانا عالما ، فالعالم هنا صار شرطا في موضوع الإنسان ، والعلم أصبح قيدا ومحصّصا ومضيقا وحينئذ يقال : إنّ المفهوم كما يمكن تحصيصه وتقييده بقيد متقدم أو مقارن ، فكذلك يمكن تحصيصه وتقييده بقيد متأخر ، فهذه القيود كلها معقولة ، وإن سمّي القيد هنا بالشرط ، والمقيّد بالمشروط ، فإنه لا يلزم منه تأثير المتأخر في المتقدّم.
ومحذور الشرط المتأخر إنما يرد ويلزم إذا كان بالمعنى الأول دون الثاني كما هو واضح ، وحينئذ يقال : إنّ غسل المستحاضة في ليلة الأحد شرط في صوم يوم السبت ، إنما هو شرط بالمعنى الثاني دون الأول ، لإمكان أن يحدث الصوم نهار السبت دون غسل ليلة الأحد ، وعليه فيكون غسل ليلة الأحد قيدا محصّصا ـ «الصوم» ـ بخصوص الحصة المقيّدة ، لا إنّه شرط دخيل في إيجاد الصوم.
الموقع الثاني :
محذور الشرط المتأخر بلحاظ الملاك ، حيث يكون غسل ليلة الأحد شرطا ، باعتباره كفيلا في ترتب وإيجاد المصلحة التي هي ملاك وجوب