الصوم ، إذ قد تقدّم أن مقدمة الواجب وشرطه ، يختلف عن شرط الوجوب ، بحسب عالم الملاك ، وأن شرط الوجوب يكون مؤثرا في الاحتياج ، وفي اتصاف الفعل في كونه ذا مصلحة ، من قبيل «مجيء الشتاء» الذي يوجب اتصاف النار بكونها ذا مصلحة ، وهذا بخلاف شرط الواجب الذي هو دخيل في وقوع المصلحة خارجا ، وترتبها على مقتضيها ، من قبيل «سدّ منافذ البيت» الذي هو دخيل في ترتب مصلحة الدفء على النار خارجا ، فإذا لاحظنا غسل ليلة الأحد بالنسبة إلى مصلحة صوم يوم السبت ، والأثر الذي يترتب على هذا الصوم ، يكون نسبته إليه نسبة الشرط بالمعنى الأول إلى مشروطه ، فيكون من قبيل سدّ المنافذ بالنسبة إلى الدفء ، فكما أن الدفء معلول إجمالا لسد المنافذ ، فكذلك في المقام ، فإن شرطية الغسل ، إذا أضيفت إلى المصلحة ، تكون شرطية بالمعنى الأول ، ويكون الغسل دخيلا ومؤثرا في إيجاد تلك المصلحة ، وترتبها على ذيها.
غاية الأمر أنّ دخل الشرط هنا يكون بنحو الشرطية ، لا بنحو الاقتضاء ، كما لو فرضنا إن المقتضي للمصلحة هو الصوم ، والشرط في إيجادها وترتبها على مقتضيها ، هو الغسل ، وهنا نشبه المصلحة بالإحراق ، والصوم نشبّهه بالنار ، أي بمقتضى الإحراق ، والغسل نشبهه بالملاقاة أو جفاف الورق الذي هو شرط في ترتب الإحراق على النار ، إذن فنسبة الغسل إلى المصلحة ، نسبة الجفاف والملاقاة إلى الإحراق ، فلو كان الغسل متأخرا عن ترتب المصلحة كما في غسل ليلة الأحد المتأخر عن صوم نهار السبت ، حينئذ نقول :
إن كانت المصلحة قد ترتبت في نهار السبت ، إذن يلزم تأثير المتأخر في المتقدم ، لأن المصلحة المترتبة في نهار السبت ، متأثرة ومتولدة من غسل ليلة الأحد. وعليه فقد أثّر المتأخر في المتقدم ، وهذا من قبيل أن يقال : إنّ احتراق الورقة في نهار السبت ، كان بتأثير الملاقاة في ليلة الأحد ، وإن كانت المصلحة لم تترتب في نهار السبت ، وأنما ترتبت ليلة الأحد ، وعند الغسل ، فحينئذ لا يكون الغسل مؤثرا قبل وجوده ، بل يكون مؤثرا حين وجوده. وهنا