وهذا بخلاف تحريم الحصة غير الموصلة ، إذ هناك قلنا : إن المقتضى له موجود ، والمانع مفقود ، وذلك لأن التحريم هناك في الواقع كان بملاك أن لا يخسر كلا الغرضين ، إذ لو لم يحرّم المولى الحصة غير الموصلة ، لما كان قد حصل على مصلحة ذي المقدمة «الإنقاذ» ، ولمّا كان قد تجنّب مفسدة الغصب ، منع بذلك المكلّف عن تفويت هذا الغرض ، فتحريم الحصة غير الموصلة كان له تأثير في حفظ أحد الغرضين. إذن فلا معنى لمثل هذا التحريم في المقام إلّا إلزام المكلّف على قصد التوصل مع فرض عدم وجود ملاك لهذا الوجوب.
ومن هنا يندفع تخيّل آخر ، وهو أنّ هذه الحرمة لها أثر في تحقيق غرض المولى ، وذلك بتقريب ، أنّ المقدمة المحرّمة كالغصب ، إن أتى بها لا بقصد التوصل ، إذن فالمولى قد خسر أحد الغرضين ، لأنّ الإنقاذ تحقّق بالمقدمة غير الموصلة ، لكن ابتلى بمفسدة الغصب ، لكن إذا أتى بها بقصد التوصل ، فالحسن في قصد التوصل ، يزاحم مفسدة الغصب ويتداركها ، لأنّ المولى يحصّل غرضه من ناحية ، بينما يتدارك مفسدة الغصب من ناحية أخرى.
وإن شئت قلت : إنّ ثبوت الحرمة على الحصة التي لم يقصد بها التوصل ، يلزم منه الجمع بين الغرضين ، وذلك ، باعتبار أنه يضطر المكلّف إلى قصد التوصل بالمقدمة ، وهو أمر راجح عقلا ، ويوجب انجبار مفسدة حرمة المقدمة وارتفاعها بالحسن الموجود في قصد التوصل المزاحم لمفسدة الغصب ، وتدارك هذه المفسدة بحصول غرض المولى من ناحية أخرى ، وبذلك يكون قد حفظ كلا الغرضين من حصول مصلحة الواجب النفسي ، «ذي المقدمة» ، وعدم الوقوع في مفسدة «الغضب» في المقدمة التي لم يقصد بها التوصل.
ولكن هذا الكلام غير تام ، إلّا إذا فرضنا أن للمولى غرضا لزوميا في قصد التوصل ، فيتحوّل قصد التوصل إلى غرض لزومي ، وملاك يقرّب نحو أغراض المولى ، وهو خلف فرضنا ، أنّ قصد التوصل ليس فيه حسن في