والخلاصة : إنّ الحسن ناشئ من عنوان انتزاعي ، وهو عنوان القبلية ، وعنوان القبلية نشأ من مقايسة العقل بين الصوم والغسل ، وحيث أن القبلية أمر اعتباري حاضر لدى العقل ، فيكون الشرط مقارنا ، وبهذا ينتفي المحذور.
وبتعبير آخر ، إذا كان الملاك هو الحسن والقبح العقليين المنتزعين من عناوين اعتبارية ناشئة من مقايسة العقل بين الصوم والغسل ، فبالإمكان استناد هذا الملاك إلى شرط من سنخه اعتباري كعنوان تعقيب الصوم بالغسل ، فهنا عنوان تعقيب الشرط ، الغسل ، أو مسبوقية الواجب ، الصوم به وتقدمه عليه يمكن أن ينتزع منه العقل الحسن ، أو من عكسه القبح ، وهذه القبلية أو البعدية تنشأ من مقايسة العقل بين الصوم والغسل ، وهي حاضرة لدى العقل دائما ، فيكون الشرط مقارنا ، ولا محذور.
والجواب على ما تخلّص به المحقق الخراساني من إشكال الشرط المتأخر هو أن يقال :
إن ما قاله المحقق الخراساني لا يصلح تفسيرا للواقع المحسوس من موارد الشرط المتأخر كظاهرة واقعية موجودة في تكاليف الناس التي تكون بملاك المصالح والمفاسد ، وإن كان كلامه يكفي لتفسير الشرط المتأخر المأخوذ في أحكام المولى المبنية على ملاك الحسن والقبح العقليين.
إذن فالشرط المتأخر معقول أيضا في أحكام المولى بملاك المصالح والمفاسد ، ولا يختص بأحكام المولى بملاك الحسن والقبح ، إذ كثيرا ما يأمر الطبيب المريض بشرب الدواء مشروطا بشرط متأخر كالمشي بعد استعمال الدواء ، أو النوم ، أو غير ذلك.
ومن الواضح أن هذه القيود إنما تكون شروطا بلحاظ المصلحة والمفسدة ، لأن الطبيب لا يهمه كثيرا أن يفكر بالمقولات الاعتبارية لينتزع منها بالمقايسة حسنا وقبحا ، وإنما هو يفكر في مصلحة المزاج ، إذن فالشرط المتأخر كظاهرة واقعية موجودة في تكاليف المولى بملاك المصالح والمفاسد ،