كما أنّ الوجوب الغيري لا يقع موضوعا للثواب والعقاب ، ومن هنا فلا معنى للتأمين عليه ، لا بلسان البراءة ، ولا بدليل الاستصحاب.
نعم لو فرض أن الوجوب الغيري وقع موضوعا لحكم نفسي ، فحينئذ ، لا بأس بإجراء الاستصحاب لنفي الوجوب الغيري.
فيقال : إنّ نصب السلّم لم يكن واجبا قبل وجوب الكون على السطح ، فيستصحب عدم وجوب نصب السلّم ، ويقصد بالاستصحاب هنا ، نفي الأثر الشرعي ، وهو الوجوب المترتب عليه لو كان هناك مثل هذا الدليل ، فيكون استصحاب عدم الوجوب الغيري منتهيا إلى الأثر العملي ، لا بلحاظ محركيّة نفس الوجوب الغيري ، بل للتأمين على النتيجة المترتبة على الوجوب الغيري.
إلّا أنّ هذا غالبا ، هو مجرد فرض ، لأنّ ما يذكر له من المصاديق قابل للمناقشة.
فمثلا يقال : إنّ الدليل دلّ على حرمة أخذ الأجرة على الواجب ، وحينئذ ، هذه الحرمة ليست حكما غيريا ، بل هي حكم نفسي تكليفي أو وضعي ، بمعنى البطلان ، وقد أخذ في موضوعه عنوان الواجب ، والواجب يشمل بإطلاقه الواجب الغيري ، فإذا شككنا في اتصاف هذه المقدمة بالوجوب الغيري ، فنشك في حرمة أخذ الأجرة ، فنستصحب عدم كون هذه المقدمة واجبة ، وبالتالي نكون قد نفينا حرمة أخذ الأجرة ، لأن أخذ الأجرة ، إنما يحرم على الواجب ، وهذا العمل ليس بواجب ، فالأجرة عليه غير محرمة.
هذا الكلام لا بأس به لو دلّ دليل على عدم جواز أخذ الأجرة على الواجب بهذا العنوان.
ولكن لم يدل دليل على ذلك بهذا العنوان ، وإنّما عدم جواز أخذ الأجرة يرتبط بإحدى نكتتين : إحداهما غير موجودة في المقدّمة على كل حال ، والثانية موجودة على كل حال ، سواء قلنا بالوجوب الغيري ، أو لم نقل.
أمّا النكتة الغير موجودة في المقدّمة على كل حال ، حتى لو قيل